[box type=”custom” color=”#ffffff” bg=”#4e4eb2″ radius=”5″]
عنوان الكتاب: Culture et barbarie européennes
تاريخ الصدور: 2005
المؤلف: إدغار موران [Edgar Morin]، وهو فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي معاصر. وحاصل على شهادات في التاريخ والاقتصاد والقانون.
[/box]
عبر ما سماه “أنثروبولوجية البربرية الإنسانية”، يوضح إدغار موران قصور فكرة الإنسان المفكر والإنسان الصانع والإنسان الاقتصادي. فهذا المفكر ذو الذهن العقلاني يمكن أن يكون في الوقت عينه قادراً على “الهذيان والحمق”. لذا فهناك رابطة خفية ووثيقة بين “الفكر” و”الحمق”، حيث إن إنتاج الإنسان وأدواته يرتبطان “بقدرته على الهذيان وإنتاج الأساطير. وعليه، فإن “الحمق” يمثل جانباً متأصلاً في “البربرية”.
لكن رغم ذلك، يعتقد موران أن ترياق الحمق يكمن في الفكر نفسه. وهنا يفرق بين العقلانية والعقلنة. فالعقلنة “تخدم الهوى وتقود إلى الهذيان، كما أنها تفتقد للأساس التجريبي الذي يسمح بتبريرها”.
بناء على هذا التعريف المبدئي، يقارن المؤلف بين المجتمعات الأولى القديمة والمجتمعات الكبرى الحديثة. فالمجتمعات الأولى، رغم صغرها، إلا أنها “أنتجت تنوعاً هائلاً في اللغات والثقافات والموسيقى والطقوس والآلهة”، ناهيك عن أنها مجتمعات مكتفية ذاتياً لا تحتاج لأن تغزو أراضي غيرها، مع أنها خبرت بالتأكيد “حروباً محلية واغتيالات”.
أما المجتمعات الكبرى، فهي تتميز بتطور حضري، وتضم ملايين الأفراد “الذين يتعاطون للفلاحة ويبنون المدن وينشؤون دولاً وأدياناً كبرى”. اعتمدت هذه المجتمعات في البداية على الغزوات لضمان الحصول على المواد الأولية أو احتياطات المؤونة. لكن حدث أن انقلبت هذه الغزوات وتجاوزت الحاجة الحيوية، وسادت عمليات الإبادة والتخريب والسلب والاغتصاب والاسترقاق. وهنا بدأت تتضح معالم البربرية التي “احتد طابعها في ارتباط مع الحضارة”.
والبربرية عند موران ليست مجرد عنصر يرافق الحضارة، وإنما هي جزء لا يتجزأ منها، ولا “توجد علامة من علامات الحضارة أو فعل من أفعالها لا يعتبر في الوقت نفسه بربرياً”.
لذا يتساءل المؤلف عن الترياق الشافي لسم البربرية، وطريقة الفكاك منها رغم أنها مكون أساسي للحضارة.
لم يغفل الكاتب عن ذكر البربرية الدينية. فاعتبر أنه رغم تعدد الآلهة في القدم، إلا أن ذلك لم يمنع أن يكون لكل شعب إله حرب لا يرحم الأعداء. ثم أتى التوحيد اليهودي، فالمسيحي، حاملاً معه بربريته الخاصة “القائمة على احتكار الحقيقة”. وشكل “استعمال الشيطان سلاحاً من أسلحة البربرية”. فهو العدو الفاني لله والناس. ومن لم يرد التخلي عن اختلافه فقد “أصابه مس من الشيطان”. لذا كان مبدأ التطهير الديني حاضراً في كل ركن من أركان الحضارة الأوروبية.
وسقط الغرب الأوروبي، حسب موران، في مركزية أوروبية اعتبرت الشعوب الأخرى شعوباً بدائية ومتخلفة، وغفلت عن حضور العقلانية في جميع أشكال الحضارة. وذهبت هذه النزعة المتمركزة حول الذات إلى اعتبار كل مخالفٍ بربرياً.
وصل الهوس التطهيري في أوروبا أوجه في عهد النازية والفاشية والستالينية. ففي تلك الحقبة برزت التوتاليتاريات، “وهي ظاهرة أوروبية حديثة أخرى” اعتبرها الكاتب نتاجاً كارثياً للبربرية الأوروبية.
يخلص إدغار موران إلى أن على هذه التجارب المأساوية أن تؤدي إلى “مطالبة بإنسيّة جديدة تتمثل بالتعرف على البربرية كما هي. ولا يجب أن يقود ذلك إلى الندم وحسب، بل إلى الاعتراف الذي يتوسطه الوعي والمعرفة، وإلى امتلاك “القدرة على التفكير في البربرية الأوروبية لتجاوزها. وبالتالي تتمكن أوروبا، عبر هذه الإنسية، من إنتاج ترياق بربريتها الخاصة.
لتحميل الكتاب، اضغط على الصورة