هلل وزير الإعلام الأردني لما سماه تحرير مدينة الرقة من إرهابيي داعش، وكاد أن يطير فرحاً وهو يعبر عن سرور حكومته بهذا الإنجاز الكبير الذي سماه انتصاراً لقوات التحالف الأمريكي الذي دمر المدينة ومسحها عن الأرض وأزهق أرواح الآلاف من أبنائها أطفالاً ونساء وشيوخاً، لتنتهي المجزرة الموصوفة بترحيل إرهابيي داعش وحمايتهم من الهلاك في الرقة ودير الزور، وبحماية ما يسمى “قوات سورية الديمقراطية”، الأداة الطيعة بأيدي ضباط مخابرات السي أي إيه، العاملين في المنطقة، لتعزيز مواقفهم في مواجهة الجيش العربي السوري. وكان ثمة غصة لدى حكومتنا لو تمت دعوة المومني لمرافقة ثامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ومبعوث الرئيس الأمريكي، للتجوال فوق أنقاض المدينة المنكوبة، وإطلاق التصريحات الخلبية بإعادة إعمار المدينة المدمرة، وأشلاء مئات المواطنين الأبرياء تحت أنقاضها، وممارسة التضليل المكشوف والأكاذيب الجوفاء لحرف انتباه الرأي العام الدولي عن جرائم الحرب التي ارتكبت بحق الأبرياء.
يتجاهل المومني وربعه أن رفع علم الجمهورية العربية السورية وحده فوق المناطق التي يتم فيها كنس الإرهابيين من الجغرافيا السورية هو الدليل الوحيد على تحريرها وعودتها إلى السيادة الوطنية.
نعلم أن الخرس أصابه، ولم نسمع منه، أو من أحد وزراء الحكومة الأردنية، النطق بحرف يشيد بالإنجاز العظيم الذي حققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في تحرير مدينة دير الزور الاستراتيجية، والانتصارات المتتابعة في مختلف أنحاء الجغرافيا السورية، ولن يطول الوقت لنزع ما بقي من الرايات السوداء عن التراب الطاهر الذي تعمد بدماء آلاف الشهداء من جيش سورية العظيم والقوات الشعبية والرديفة ومواصلة ملحمتهم التاريخية في مواجهة أقذر مؤامرة امبريالية صهيونية، وأبشع حرب كونية مدعومة بمئات المليارات من دولارات النفط، وحشد المرتزقة ووحوش العصر والأدوات من ممالك ودويلات ومشيخات النفط، لإسقاط قلب العروبة النابض والحصن المنيع أمام مخططات التقسيم والتفتيت.
وأشد ذلك مرارة على مواطنينا في الأردن ظنهم أن حكومتهم ستغير نهجها وسياساتها وخضوعها لأوامر واشنطن باستمرار دعم الإرهابيين دون إحساس بالجرائم المهولة التي يرتكبونها بحق أبناء شعبنا العربي في سورية، وما زالت غرفة الشيطان في عمان، التي يديرها ضباط المخابرات الأمريكية، تضع المخططات الإجرامية وتصدر الأوامر وتواصل الإشراف على معسكرات تدريب المرتزقة والتكفيريين في الزرقاء والمفرق والأزرق، وتستقبل ما هب ودب منهم، وتزجهم بعد استكمال جاهزيتهم عبر الحدود للالتحاق بالعصابات الإرهابية لمواصلة القتل والتدمير وإطالة أمد الفوضى التي يحلم بنو صهيون من خلالها بتحقيق أهدافهم في تفتيت المنطقة وتشتيت شعبها.
وأكثر ما أثار الغضب والسخط في تصريح المومني، عندما سئل حول معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن المغلق منذ أكثر من ثلاث سنوات، بأن هناك دولا إقليمية تعتبر هذا الأمر أكثر خطورة مما يعتبره الأردن، وأن هناك دولا عظمى تنظر بنفس الخطورة التي ينظر إليها الأردن نحو هذا الأمر, مضيفا أن هناك مصالح إقليمية وعالمية، ويعني بذلك محور المقاومة. وهذا التلفيق والتعمية كان يمكن أن يختصره بعبارة واحدة، ويقول: نحن ننوب عن اسرائيل في حماية احتلالها.. فهل يظن وزير في حكومة سلمت قيادها لواشنطن، تقودها حيثما تشاء، لتنفيذ مخططاتها العدوانية ضد أمتنا العربية، أنه يستهبلنا، بعد أن تعرى وانكشف دورها المشين في دعم العصابات الإجرامية طيلة سنوات الحرب الكونية على سورية.
إن تطابق تصريحات المومني مع إعراب وزير الكيان الصهيوني عن قلقه ورفضه لتواجد “حزب الله” على الحدود الجنوبية لسورية يؤكد بالمطلق تبعية حكومة عمان وانغماسها في السياسات المعادية لأمتنا العربية. وإذا كان قادة العدو يعيشون حالة الرعب والتوجس من الانتصارات التي حققها محور المقاومة على الأرض السورية واللبنانية، فماذا يخيف أصحاب القرار في عمان؟ هل حدث يوما، طيلة السنوات الماضية، ما يعكر الوضع الأمني في الأردن من قوات المقاومة حتى يخشون على حدودهم؟ وتلك العمليات الإرهابية التي جرت في إربد والبقعة ومعان والكرك وغيرها على يد عصابات داعش وأشباهها، والتي تتحرك خلاياها النائمة في أحضان جماعة الإخوان المسلمين، كيف يستخفون بتلك المجاميع التكفيرية ويرفضون وقف تسللها إلى الأراضي السورية دون حساب لعودة من تبقى منهم أكثر شراسة مما يتوقعون، وعندها لن يفيد ندم ولا تحسر..
ماذا بقي من الدولة الأردنية وهناك ثلاثة قواعد أجنبية يتم فيها تدريب المرتزقة وزجهم عبر الحدود لنشر القتل والدمار وعواصف الجنوب المتلاحقة التي خططت وهيأت لها غرفة “موك” في عمان لاحتلال دمشق وإسقاط نظامها الوطني القومي؟ ولكن ذلك باء بالفشل الذريع وسحق جيش سورية العظيم فلولهم المندحرة، ليتم شحن من بقي منهم إلى مستشفيات العدو المقامة في الجولان المحتل، ومثلها في الرمثا وإربد والمفرق في شمال الأردن!
هل يملك المومني إجابة إن تم سؤاله عن أكثر من أربعة آلاف إرهابي أردني التحقوا بتنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين في سورية، وكيف تم إرسال أكثر من ألف طفل أردني – تم غسل عقولهم وتدريبهم على القتل – إلى الجنوب السوري لتدعيم العصابات الإرهابية، وهل يعرف أن هناك مئات الخلايا التكفيرية النائمة لدى حواضنها من جماعات الإخوان المسلمين في مختلف أرجاء الأردن؟ بالتأكيد، سيتلعثم ويمتنع عن الإجابة.
القرار الوحيد الذي يستطيع أن يتخذه المومني وأقرانه هو تلبية الدعوات العشائرية، وترؤس الجاهات إلى دواوين العائلات لطلب أيدي العرائس، والتحلق حول المناسف المكدسة باللحم ومرق اللبن، والتي تقام لهم دون انتظار أمر من الباب العالي في واشنطن.
* كاتب من الأردن