ضجت وسائل الإعلام مؤخراً بخروج التحالف بين العدو الإسرائيلي ومملكة آل سعود إلى العلن بعد مقابلة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، مع موقع “إيلاف” السعودي، على الرغم من أن عدداً من أركان نظام مملكة القهر والاستبداد التقوا، مراراً وعلناً، شخصيات صهيونية لها وزنها في صناعة القرار الإسرائيلي!
وتوحي هذه التحليلات الساذجة وكأنّ العلاقة السعودية الإسرائيلية جديدة أو مستجدة، بذريعة أن إيران، العدو المشترك، تهدد أمنهما وتشكل خطراً على استقرار المنطقة..!
نعم.. لقد نجحت مملكة القهر والاستبداد، بفعل الإعلام الغربي المدار من الصهيونية، في التعتيم على الاتصالات والعلاقات السرية السعودية الصهيونية. ولكن بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، عام 2006، بدأ آل سعود يسربون الأخبار عن علاقتهم مع العدو تدريجياً، كما بدأ الإعلام الغربي يسرب معلومات ووثائق عن دعم السعودية لجيوش الإرهاب والتكفير لتدمير الدول المعادية للكيان الصهيوني.
ولكن لايزال السبب ملتبساً وغامضاً، ولا يجيب على السؤال: لماذا مملكة القهر والاستبداد غاضبة على محور المقاومة؟
قد نقترب من فهم السبب بالتذكير بأن آل سعود تعهدوا لأمريكا، منذ تأسيس مملكتهم، بعدم التعرض لإسرائيل.. وربما معاداة من يعاديها. أليس هذا ماحصل خلال العقود الماضية، وما يحصل حالياً؟
ولكن من الصعب جداً إيجاد تفسير منطقي لهذه المعادلة: أسرة آل سعود عدوة لمن يقاوم إسرائيل، أو يدعم حركات المقاومة.
مثلاً، يكاد يجمع المحللون على أن مملكة القهر والاستبداد غاضبة على محور المقاومة بسبب “التمدد” الإيراني في الدول العربية. ويزيدون بأن “التمدد” الإيراني في البحرين واليمن اضطر النظام السعودي إلى احتلال البحرين وشن حرب على الشعب العربي السوري والعراقي زاليمني!
وتوجد ذريعة أخرى قديمة، وهي أن مملكة القهر قلقة من تصدير الثورة الإسلامية إلى المنطقة، وتحديداً في مناطق النفوذ السعودي. وبالتالي، فهي تدافع عن أمنها القومي!
بالطبع يمكن للجانب الآخر أن يرد بأن مملكة القهر كانت على علاقة وثيقة مع شاه إيران الذي اشتهر بلقب “شرطي الخليج”، وكان حليفاً قوياً للعدو الصهيوني، فلماذا تحولت إيران إلى عدو لنظام آل سعود بعدما أعلنت الثورة الإيرانية أن إسرائيل شر وسرطان يجب استئصاله لتنعم المنطقة بالسلام والازدهار؟!
وكانت مملكة القهر تكنّ العداء الشديد للزعيم القومي العروبي جمال عبد الناصر، لأن فلسطين وتحريرها من الصهاينة كان محور سياساته، فتآمرت عليه في العدوان الثلاثي وحرب حزيران، ثم أصبحت حليفاً للسادات وخليفته مبارك بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد.
أكثر من ذلك.. مملكة القهر تقربت من سورية خلال مباحثات مدريد، وكأّنها كانت تتوقع أن تبرم سورية صفقة مذلة مع إسرائيل شبيهة بكامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو. فانقلبت على سورية بمجرد رفضها للمساومة على ذرة واحدة من ترابها، ودون ضمان حقوق الفلسطينيين وبخاصة حق العودة. ربما كان علينا أن ننتظر عهد سليمان وابنه، الذي يصفه الإعلام الأمريكي هذه الأيام بـ “الدب الداشر”، لكي نكتشف مجدداً حقيقة نسب أسرة آل سعود.. هذه الحقيقة المغيبة منذ عشرات السنين!
مثلا يرى البعض أن أحد الأسباب الرئيسية لغضب مملكة القهر والاستبداد على اليمن، وشن حرب على شعبه، هو أحد مفردات شعار حركة أنصار الله :”اللعنة على اليهود”! صحيح أن الشعارات الأخرى مزعجة جداً للسعودية: “الموت لأمريكا”.. “الموت لإسرائيل”، لكن ما أثار حفيظة آل سعود، وجعلهم يخرجون عن طورهم ويحاربون مباشرة، وليس بالوكالة، وبأسلوب الصهاينة، هو شعار “اللعنة على اليهود”. فلأول مرة في تاريخهم الأسود في المنطقة، لم يستطع آل سعود كبت غضبهم، فصبوا نار حقدهم على أفقر شعب على وجه الأرض.
وقد يسأل الكثيرون: وما علاقة مملكة القهر والاستبداد بشعار “اللعنة على اليهود”؟
في الواقع. إذا استثنينا هذا السبب، لن نفهم أسباب شن حرب آل سعود على اليمن، ولا سبب غضبهم الشديد على محور المقاومة.
لقد قيل الكثير عن الأسباب السياسية، وجميعها لاتبرر الحرب المباشرة على اليمن، ولا الهجوم والتهديد والوعيد على محور أعداء الكيان الصهيوني، فالمنطق هنا لايفسر ولا يبرر هذه الحروب العدوانية – على دول عربية – المباركة من الأمريكان والصهاينة.
وعندما يغيب المنطق ويعجز عن التفسير، يصبح المستحيل ممكناً، والمستحيل بنظر الكثيرين أن آل سعود هم يهود، بل صهاينة أقحاح أتوا إلى الجزيرة العربية!
تذكروا أن نظام آل سعود شن حملة شعواء على عبد الناصر لا بسبب اتهامه لهم بالرجعيين، وإنما لفضح علاقتهم السرية مع الكيان الصهيوني. وهذا ما يعيدنا إلى كتاب ناصر السعيد (تاريخ آل سعود) الذي نشر فيه عشرات الوثائق التي تثبت ان آل سعود من عرق يهودي 100%.
وإذا لم يتوقف الكثيرون عند عبارة “اللعنة على اليهود”، فإن هذا لايعني أن هناك الكثير من المصادر التي تؤكد الأصول اليهودية الصرفة لأسرة آل سعود.
توجد على الأقل ثلاث روايات حول التاريخ الأسود لآل سعود:
– الأولى تقول أن نسب آل سعود يعود إلى آل سلول. ويتحدث التاريخ أن عبد الله بن أبي بن سلول شخصية من شخصيات يثرب، وأحد قادة ورؤساء الخزرج، ورد في سيرة النبي محمد (ص) كشخصية معادية للدين الإسلامي، مهادنة ظاهرياً، يلقبه المسلمون بكبير المنافقين. قيل أنه كان على وشك أن يكون سيد المدينة قبل أن يصلها الرسول الكريم.
– الثانية تقول أن جد آل سعود هو مرخان بن إبراهام بن موشي الدونمي، والذي كان اسمه الأصلي مردخاي، ثم حُوّر لاحقا على أيدي بعض المزورين للتاريخ فأصبح مرخان، وفي روايات أُخرى قيل مريخان، تماشيا مع الأسماء الشعبية المحلية للمنطقة. ومردخاي هذا مجهول الأصل بالنسبة للموطن الأصلي الأول له، وإن اتفقت جميع الروايات على يهوديته، فالبعض قد نسبه إلى يهود بني قريضة، والبعض قال أنهُ من يهود اليمن الذين نزحوا إلى الجزيرة العربية للارتزاق والبحث عن إرث أجدادهم، والكثيرون قد قرأوا قصة المخطوطة التي ذهب جون فيلبي (عبدالله فليبي) ليجلبها من الحاخام اليهودي في اليمن، وطلب منه عبد العزيز أن يُمزقها ويخفي معالمها حتى لا تفضحه.
– الثالثة: أغلبية الرواة، وخصوصاً رواة البادية، نسبوا أُصول مرخان – أو مردخاي – إلى يهود البصرة الذين كانوا قد نزحوا أصلاً من الآستانة، واستوطنوا في جنوب العراق بعد أن ضاقت بهم الأحوال جراء السياسة العثمانية، وهؤلاء اليهود الأتراك معروف نسبهم، حيث ترجع أُصولهم إلى طائفة يهودية تُسمى بـ “يهود الدونمة”، وهم أحفاد اليهود الذين هربوا من إسبانيا إثر محاكم التفتيش، ثم استوطنوا تركيا، وتداخلوا بصورة غريبة ومُريبة مع المُسلمين الأتراك، وأنشؤوا لهم عقيدة سرية خاصة بهم وهي إخفاء يهوديتهم والاندماج مع المُجتمعات المحلية، حيث كان بعضهم يُصلي مع المُسلمين، ويدفن موتاه في المدافن الإسلامية خوفاً من القمع والمُطاردة، وكانت ميزة هؤلاء أنهم يلبسون الطرابيش الحمراء، ويُطلقون لحاهم، ويحلقون رؤوسهم على الآخر، لذلك كان البدو يُطلقون على آل سعود “أحفاد حُمر الطرابيش”! وما يؤكد أن نسب آل سعود من “آل سلول” أو “اليهود” هو عداوتهم الفاضحة للإسلام، بدليل استبداله بالدين “الوهابي” الذي يشرعن تدمير منازل الصحابة وآل البيت، وهدم القبور والقباب، بذريعة البدع والشرك، ومحاولتهم أكثر من مرة هدم منزل الرسول الأعظم!
أخيرا، وبالمختصر المفيد: لن نجد تفسيراً منطقياً لغضب مملكة القهر والاستبداد على محور المقاومة، وكل من يعادي الصهاينة، إذا ما استبعدنا عامل النسب الصهيوني لأسرة آل سعود!