[button color=”orange2″ align=”center” font_weight=”bold” bgcolor=”#dd3333″ radius=”10″]تقتضي الأمانة العلمية أنْ نَنشُر هذا المقال كما ورد، رغم احتوائه على بعض الأفكار والآراء والعبارات التي لا تمتّ لرأي المركز وتوجّهاته بأي صلة.[/button]
[box type=”custom” color=”#844f0e” bg=”#faecab” fontsize=”14″ radius=”10″ border=”#eded0b”]مقدمة المترجم
ترصد هذه الترجمة بعض ردود الأفعال في إسرائيل بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية فكانت مادة رأي كتبها محرر إسرائيلي في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
[/box]
إن اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية الذي دخل حيز التنفيذ في الأسبوع الماضي، هو بالطبع حل جيد بالنسبة للكثيرين من السوريين الذين تعبوا من ست سنوات من الحرب الدموية. ومع ذلك، شكل الاتفاق – في ظل الظروف الراهنة – إشكالية بالنسبة لإسرائيل وطبعا الاعتراف بهذا الأمر تقريبا مؤلم جدا. صحيح إن وقف سفك الدماء هو عمل نبيل ولكنه ليس بديلاً عن إستراتيجية ثابتة، ولكن حتى تضع الولايات المتحدة إستراتيجية لها في سورية، فإن اتفاق وقف إطلاق النار يمكن أن يقوض أمن إسرائيل ويزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط برمته.
يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا هما المهندسان الرئيسان لاتفاق وقف إطلاق النار. كما أن الأردن طرفا فيه. وقد تمت استشارة إسرائيل من وراء الكواليس ولكن لم يكن لها أي دور رسمي في الاتفاق. ومع ذلك، فإن الاتفاق يتعلق بالأراضي التي لإسرائيل مصلحة كبيرة فيها وهي المنطقة الحدودية بين الأراضي السورية والأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل وهي مرتفعات الجولان والتي لا تزال الجماعات المسلحة التي تقاتل الرئيس بشار الأسد في سورية تسيطر عليها. ويذكر هنا أن الجماعات المسلحة التي تسيطر على الشريط الضيق من الأرض تدعمها إسرائيل لأنها تمنع الجيش السوري والجماعات الحليفة له من الاقتراب كثيرا من حدود إسرائيل، وهي إحدى أكبر المخاوف الأمنية الإسرائيلية.
يوقف اتفاق وقف إطلاق النار الجديد على المدى القصير هذه الظروف. تسيطر إسرائيل على مرتفعات الجولان؛ يسيطر المتمردون على المنطقة الحدودية؛ تتمركز القوات السورية، المدعومة من إيران وحزب الله الموالي لها، على بعد بضعة أميال إلى الشرق، بعيدا عن الحدود الإسرائيلية. إذا كانت هذه المعطيات والترتيبات دائمة سيكون لدى إسرائيل أسبابا تدعو إلى الرضا عنها.
لسوء الحظ، لا يعتقد أي استراتيجي أو مخطط عسكري إسرائيلي أن هذا الترتيب سوف يستمر لفترة طويلة. فأما أن ينشب قتال جديد، أو سيتوقف اتفاق وقف إطلاق النار ويصبح لاغيا بسبب الرقابة غير الكافية. ترى إسرائيل أن هناك عملية تدريجية تعزز في نهاية المطاف إيران ووكلائها، وتتركهم مسؤولين عن المناطق الإستراتيجية في سورية، بما في ذلك الحق على حدود إسرائيل.
وكذلك ترى إسرائيل أن اتفاق وقف إطلاق النار هو مكسب للسيد الأسد، المحارب العنيد الذي أثبت مرة أخرى أن جميع النبوءات بأن حكمه وشيك على الانتهاء كانت سابقة لأوانها. كذلك هو مكسب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو متطفل معد بعناية، الذي أثبت أن كل النبوءات عن أن سورية أصبحت “فيتنام روسيا” سطحية. وأيضا الاتفاق هو مكسب لإيران، التي أطاح تقدمها وسط الهزيمة التدريجية للدولة الإسلامية بالوعود الأمريكية لاحتواء نفوذها المتنامي. وبالنتيجة إن الاتفاق خسارة لإسرائيل.
لا يمكن تطبيق وقف إطلاق النار بدقة إلا تحت إشراف قوي. ولكن لا يوجد مشرف محتمل يمكن أن تثق به إسرائيل. فهي لا تثق بالسيد الأسد، وهي لا تثق بطبيعة الحال في إيران. فهذه الجهات لها هدف واحد: القضاء على المتمردين الذين يسيطرون على المنطقة الحدودية بشكل نهائي.
لكن إسرائيل لا تثق أيضا في وجود قوة دولية لحراسة المنطقة. الدروس التي تعلمتها عبر تاريخها مع هذه القوات، بما في ذلك تلك المتمركزة على مرتفعات الجولان، علمتها أن هؤلاء المشرفين ليس لديهم قوة البقاء عندما تصبح الأمور صعبة. ولا تثق إسرائيل بروسيا لمنع إيران من الوصول إلى الحدود. مصالح روسيا ليست واضحة أبدا، وتحالفها مع إيران في سورية يجعلها أكثر شبهة. يولي السيد بوتين اهتماما معقولا للمخاوف التي تثيرها إسرائيل – وقنوات الاتصال بين الدولتين تسير بشكل جيد – إلا أن إسرائيل تجد صعوبة في الاعتقاد بأن الروس يمكن أن يكونوا متحمسين لاحتواء تقدم إيران. فالروس يعتمدون على تعاونهم مع إيران لضمان بقاء السيد الأسد. في الحقيقة ، ليست فقط إسرائيل من لديها شكوك حول موقف روسيا فقد أثار الدبلوماسيون الأمريكيون السابقون، الذين قابلتهم مجلة “السياسة الخارجية”، مخاوف مماثلة وشكوك من أن روسيا يمكن أن تضمن وقف إطلاق النار.
لا يوجد مرشحون آخرون لإدارة وقف إطلاق النار. وإسرائيل بالطبع ليست مرشحة لذلك. ويواصل قادتها إعلان “خطوطهم الحمراء” في سورية. من بينها، كما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لحكومته، “منع حزب الله من كسب القوة في سورية عن طريق الحصول على أسلحة دقيقة متقدمة، ومنع حزب الله من نشر قوات برية بالقرب من حدودها ومنع أي وجود عسكري إيراني في جميع أنحاء سورية . ” تصر إسرائيل على أنه، كما قال وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان مؤخرا:” نحن نحتفظ بالمسؤولية الحصرية عن أمن المواطنين الإسرائيليين، وبالتالي فإن حريتنا في العمل مطلقة. سنفعل كل ما هو مطلوب “.
لكن “حرية العمل” ليست مطلقة. “إن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل يمكن أن تزداد تعقيدا إذا أدت إلى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تضمنه قوتين عظيمتين . ويمكن أن تزداد تعقيدا إذا ظهرت القوات الروسية على حدود إسرائيل لإدارة وقف إطلاق النار. ويمكن أن تصبح الإجراءات التي تتخذها إسرائيل أيضا أكثر تعقيدا إذا فشلت الولايات المتحدة في إقناع روسيا باحتواء خطط إيران الطموحة لتعزيز سيطرتها على سورية. في هذه الحالة، يمكن أن تجد إسرائيل نفسها محاصرة في بقعة صعبة: عليها الاضطرار إلى العمل والمخاطرة بالصراع المدمر مع الإيرانيين واللبنانيين والسوريين والروس – أو أن ترى إيران تحقق هدفا آخر من أهدافها من خلال وضع نفسها على عتبة إسرائيل.
يعتقد المخططون الإسرائيليون أنه يوجد حل واحد جيد فقط لهذه المشكلة الإستراتيجية: وهو بالنسبة للولايات المتحدة أن تعود لكونها قوة عظمى وحيدة . أي أن تشرك نفسها ليس فقط في إيجاد حل مؤقت للحرب الحالية ، وليس فقط في الهدف الهام المتمثل في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. بل يجب على الولايات المتحدة، بوصفها القوة العظمى التي لا غنى عنها، أن تستثمر في التخطيط الهادف لمنع نشوب حرب أكثر خطورة. يجب أن يكون لها إستراتيجية من أجل سورية.