تزامنت ندوة الاثنين الحوارية التي يقيمها المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي مع ذكرى العيد الواحد والسبعين لتأسيس صحيفة البعث في الثالث من شهر تموز، والتي حملت عنوان “الإعلام والإعلام الحزبي”
تضمنت ورقة العمل التي قدمها د. عبد اللطيف عمران رئيس هيئة التحرير في جريدة البعث رؤية أكد فيها أولاً أن الإعلام الحزبي ليس مقصوداً فيه الصحافة فقط بل الوسائل الإعلامية المختلفة( المسموعة والمقروءة والمكتوبة)، وأن هذا الإعلام، ثانياً، ليس المقصود به على الإطلاق صحف الأحزاب ( الشعب الصينية، البرافدا الروسية، الغرانما الكوبية، رودنغ كونغ الكورية الديمقراطية ولا صحف أحزاب الجبهة في سورية وإنما بشكل عام الإعلام المنحاز إلى إستراتيجية أو إيديولوجية.
وقال عمران أن الحديث في الإعلام والإعلام الحزبي متشعب، وأن الدافع لهذه الندوة هو متابعة ما ذكره الرفيق إياد ونوس مدير البعث ميديا في الندوة السابقة والاهتمام بما ذكره الرفيق الأمين القطري للحزب السيد الرئيس من تركيز على الإعلام الحزبي في جلسة توزيع مكاتب قيادة الحزب على الرفاق أعضاء القيادة القطرية الجديدة حيث قال السيد الرئيس “من الأهمية بمكان التأكيد على أهمية تفعيل الإعلام الحزبي وتطوير أدواته وعدم الاعتماد على الوسائل التقليدية فقط ومواكبة التطورات بهذا الخصوص بما يحقق وصول أفكار الحزب ومواقفه وسياساته بشكل أكبر وأكثر فعالية، ليس فقط لأعضاء الحزب وإنما لشرائح المجتمع جميعها”، وأضاف عمران أن هذا الكلام يثير إشكالية، وهي أن الإعلام، الإعلام كله، أم أنه يوجد إعلام حزبي وإعلام غير حزبي، في الواقع يوجد إعلام حزبي وتوجد مؤشرات في عصر ما بعد ما بعد الحداثة تشير إلى أن الإعلام غير الحزبي يتلاشى، من أيام أرسطو، مقولة أرسطو التقليدية أن الإنسان سياسي بطبعه.
ورأى أنه في بلدان مثل بلداننا تجربتنا ناهضة فهناك دائماً احتكام لقوانين، ونحن على سبيل المثال في الجمهورية العربية السورية يوجد قانون الأحزاب، وقانون الإعلام في الوقت نفسه و القانونين صدرا بمرسوم رئاسي، والى حد ما تم تأطير هذه المسألة، ولا سيما بحث قانون الأحزاب وقانون الإعلام بمسألة ملكية الأحزاب لوسائل الإعلام ولنوعية وسائل الإعلام، ومن وجهة نظر عمران أن قانون الأحزاب جعلها ورقية، أي لم يتح لها الفضائية، لكننا نعرف أن وسائل الإعلام لم تعد هي التقليدية، أي ورقية و مرئية ومسموعة، وفي الوقت الحالي من يؤثر بالرأي وسائل التواصل الاجتماعي وهذه الوسائل ليس لها ملكية، البعض يقول أن الإنترنيت ليس وسيلة إعلام لأنها غير مضبوطة ولا يحدها قانون، ولكن تأثيرها أكبر، في الواقع الدراسات النظرية تركز في السياسات الإعلامية والإستراتيجيات الإعلامية على الأغلب تركز على الإعلام المرئي، الإ أن الإعلام المرئي غير متاح للحزب، سابقاً كان مفهوم الإعلام الحزبي ولا سيما أنه ليست الوسيلة الموجودة أمامنا هي فقط صحيفة البعث التي تطورت إلى دار البعث وهذا التطور إلى دار كان من أهم نتائجه أنه خرجت الصحيفة من رقة التمويل، من سيمولها الحزب أم الحكومة.
وأضاف أن الصحيفة بعد أن أصبحت دار، وصارت منشأة تجارية أصبحت تمول نفسها بنفسها، و يوجد لدينا إعلام حزبي في سورية، توجد صحف للجبهة، متسائلاً ما أثر التمويل عليها وهل التمويل يحقق لها اكتفاء ذاتي وهل من عوامل ضغط على وسائل الإعلام الحزبي غير مسألة غير التمويل، وهل الحزب يمارس وصائبة على وسائله الإعلامية؟
مضيفاً ما هي وسائل الإعلام الحزبي، هل هي فقط النشرات والتعاممم وقرارات القيادة لترسل عبر الفاكس وخطط المكاتب الحزبية والهاتف المسجل أم هي الصحافة، هذه تساؤلات عديدة ونحن هنا نسأل ما الفرق بين وسيلة الإعلام الحزبية كصحيفة البعث والإعلام الحكومي ضمن ثنائية الحزب الحاكم من جهة وإعلام الحكومة من جهة ثانية ورأى أنه كون الصحيفة تمول ذاتها بذاتها ولا تحتاج إلى دعم مالي من الحزب ولا من الحكومة هذا يثير عدد من القضايا حول مسألة الإعلام الحزبي ضمن هذه الصحيفة، هل القضايا التنظيمية الداخلية للحزب ونشاطات الحزب الإخبارية و الأخبارية هي إعلام حزبي، كان هناك توجه خاصة في مكتب الإعداد أليست الصحيفة إعلام حزبي، هل هي مثل الإعلام الحكومي و لماذا يجب أن تغطي النشاطات الفرعية وتكتفي بالجانب الإخباري؟ لذلك هل الانتماء الحزبي للوسيلة الإعلامية يؤثر على إستراتيجيتها الإعلامية، ولا سيما الجانب المهني، لأن قسم كبير من الرفاق يقول أن الإعلام إعلام ومهنية، وهل الانتماء الحزبي أو الأيديولوجي يحرف الوظيفة الأساسية للإعلام، يقول بعض الزملاء أن الإعلام في الأساس هو دور الرقيب والناقد والمراجع، والصدق في نقل الواقع، وقسم آخر منكم يقول نحن يهمنا البعد التنموي في الخبر، وبالتالي نحن لسنا صحيفة أخبار قبل أن نكون صحيفة رأي، إذ يوجد انتماء لحزبنا فالبعد التنموي سواء التنمية الفكرية، التنمية السياسية، التمنية المجتمعية، خاصة في مرحلة يتصدع فيها الوعي والهوية والانتماء بسبب استهداف متعدد الأطراف، ويرى قسم من زملائنا أن الانتقال بالإعلام الحزبي من مستوى المحلية أو الشريحة الحزبية أي المؤسسة الحزبية، البعض كان يقول أننا لسنا معنيين بنقل خبر فرعي، فبدل أن نغطي نشاط هيئة مكتب المنظمات الفرعي ، يمكن أن أتحدث عن ازمة الجفاف في السويداء وسوء توزع الحمضيات لأنه يناسب جماهير محافظة السويداء بشريحة أوسع، وبالتالي لا تغيب الوظيفة الحزبية والإعلامية والسياسية عن وسيلتي الإعلامية، لذلك الانتقال من مستوى المحلية إلى آفاق وشرائح مجتمعية ليست فقط محلية بل إقليمية، وأحياناً دولية لأن إستراتيجيتنا الإعلامية يجب أن تخاطب ليس فقط المؤسسات الحزبية والمنظمات في سورية يجب أن تكون لدينا القدرة للوصول إلى المؤيدين في القوى والاتحادات والتيارات والأحزاب الوطنية التقدمية واليسارية.
مضيفاً أن البعض يرى وجود الشريط التقليدي تحت كلمة البعث في الصحيفة الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي يمكن الاستغناء عنه، وان وسائل الإعلام ليست مضطرة إلى الإعلان عن انحيازاتها الحزبية، ويجب أن تنطلق من موضوعيتها ومهنيتها إلى جماهيرها،
في الواقع يوجد ردود على هذا الطرح ، بهدف التأثير على الرأي العام يجب أن تظهر بمظهر الموضوعي والمهني وتقبل مفهوم السلطة الرابعة للصحافة، إن قبول مفهوم السلطة الرابعة للصحافة بعد السلطة الأولى التي هي التنفيذية للحكومة وبعدها السلطة التشريعية للبرلمان ومن ثم السلطة القضائية، هناك من يقول أن الشركات الإعلامية الخاصة تتمتع بقدر كبير من السلطة ومن التأثير، هل هذه الشركات الإعلامية الخاصة حيادية من الجانب المهني أم هي حزبية أيضاً.
والسؤال هنا: هل نقبل الرأي الذي يناهض سياستنا التحريرية حتى لو كان من رفاقنا في أحزاب الجبهة ورفاقنا في الحزب نفسه وهل سياستنا التحريرية مشلولة تماماً ماسورة بالوصائية، هل يوجد وصائية علينا، هل تسهم الكوادر الحزبية والقيادات في الإعلام الحزبي، أنتم تعلمون أنها لا تسهم على الرغم من وجود ثلاث وسائل إعلامية ومأجورة بحجة أن المجال غير متاح أمام كوادر الحزب لنشر انطباعاتها، وأضاف عمران أن لديه تجربة شخصية عام 2004 بعد زيارة اطلاعية لتجربة الحزب الشيوعي الصيني، حيث كتب عن انطباعاته عن حزبنا في مقال اسمه “البعث بين الحداثة والتحديث” وأرسله إلى صحيفة البعث، وفوجئ بأن المقال قد نُشر بالصدارة دون حذف أي كلمة بالرغم مما فيه من نقد ومراجعة نقدية قاسية لأدبيات الحزب، وهنا قدم عمران مثالاً عن ثلاث شرائح عن الإعلام والإعلام الحزبي، الشريحة الأولى وهي رسالة ماجستير بجامعة الأزهر بغزة وتحمل اسم “الإعلام الحزبي الفلسطيني وأثره على المشرع الوطني” وترى الباحثة أسماء سلطان أن للإعلام الحزبي في فلسطين أثر على حق العودة وعلى قضية اللاجئين و على المفاوضات وعلى وحدة الصف الفلسطيني وترى أن الإعلام الحزبي أدى إلى تشرذم الوضع ودعم المشروع الصهيوني.
التجربة الثانية، الجزيرة وكلنا يتذكر أنه منذ بداية الأزمة في عام 2011 عندما توجه وفد من القيادة السياسية كان من أهم مفاوضاته أن تعيد الجزيرة النظر في سياستها الخاطئة تجاهنا وهذه هي الشروط ذاتها التي تطلبها اليوم الدول الأربعة التي تحاور قطر بشأن قناة الجزيرة، و أعطى عمران مثالاً آخر عن قناة الـ CNN ” التي أعلن مديرها جيم والتن” عام 2013 عن استقالته يقول والتن ” إنني قدمت استقالتي لأنني كنت مهنياً أكثر من المطلوب في وقت يتجه فيه الإعلام المرئي ليكون حزبياً، ويقول لم يعد مفيداً أن تكون مهنياً، لقد بدأت المحطة تخسر مثلاً أمام “فوكس نيوز” ولذلك لابد من استقالتي كوني مهنياً ولست حزبياً لرفع مستوى المشاهدة ويضيف لابد من الإيمان بالعمل بأننا دخلنا عصر الإعلام المنحاز.
وكان والتن وفريقه عمله معارضاً لان تكون الـ CNN قناة حزبية لكنهم وصلوا إلى قناعة أن الرئيس المهني الذي ينزع إلى الموضوعية والاعتدال صار منبوذاً، والمطلوب هو التجييش العاطفي، كن من حيث الظاهر ليبرالياً، لا تبدو متشدداً، فهناك اتجاه للاستغناء عن الصحفي المهني الليبرالي غير القادر على التحشيد، حيث توجد بعض الآراء تقول أن الإعلام المهني غير المنحاز سيحتفظ بجمهوره، لكن في الواقع ومن خلال واستطلاعات الرأي تبين أن هذا الجمهور صار قليلاً وقريباً سوف يختفي وفي الواقع هذا محزن، إذاً يجب على الإعلام أن يعتمد على الرأي أكثر من العرض، والخلاصة تقول : اتجه إلى الإعلام الحزبي وأنسى مثاليات الإعلام المحايد القديم.
واستهلّ د. مهدي دخل لله عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري
حديثه متسائلاً: هل الإعلام في أزمة، ومجيباً في الوقت نفسه بنعم لأن المجتمع في أزمة والحزب في أزمة والسياسة في أزمة والمنطقة في أزمة، لذلك ليس من الممكن أن يغرد الإعلام لوحده خارج نطاق الأزمة، فالإعلام كله في أزمة، والشيء المثير الذي ذُكر هنا أنه حتى الدراسات السياسية في أزمة، ولفت دخل لله أن من خلال قرأته لتقارير معاهد مثل معهد واشنطن ومعاهد من المفترض أن تتحلى بمستوى عال من التحليل نراهم يحللون مثل الجزيرة، وكأن هذه المعاهد تتبنى موقف سياسي وحتى أنه بشكل مبتذل، حتى مستوى الدراسة من باحثين كبار يُظهر أن هذه التحاليل في الواقع ليست إلا موقفاً سياسياً درجة عاشرة وليس موقفاً سياسياً موضوعياً، ولذلك مسألة الإعلام بكامله، بما في ذلك البحوث السياسية والتحليلية جزء من الإعلام، في النهاية هي في أزمة كبيرة، فنحن نبحث الإعلام الحزبي من داخل الأزمة أصلاً لكن لكي نكون محددين ساطرح ثلاث قضايا، القضية الأولى:
1- أنواع الإعلام الحزبي
2- و القضية الثانية هل يتميز الإعلام الحزبي عن غيره من الإعلام وبماذا
3- والقضية الثالثة هل لإعلام حزب البعث بالذات تمييز معين.
أولاً : أنواع الإعلام الحزبي، هناك الإعلام الحزبي عن الحياة الداخلية في الحزب، كان لدينا مجلة المناضل، في الواقع ليس لها علاقة بالحياة الداخلية للحزب، حيث يُكتب فيها تحليلات ومقالات يمكن نشرها في الجريدة أو أية مجلة أخرى، حيث لا يوجد فيها أي علاقة بحياة الحزب الداخلية، فالإعلام الداخلي للحزب الذي يتضمن التعاميم الحزبية التي تصدر كل فترة تظهر رأي الحزب في قضية معينة للرفاق ولأصدقاء الحزب بشكل عام، إضافة إلى أن تطوير فكرة مجلة المناضل إلى إعلام حزبي حقيقي داخلي، تعكس الحياة الداخلية للحزب، وهذا هو الموضوع الذي يجب أن يُركز عليه الإعلام الحزبي لأن الرفاق الحزبيين، داخل الحزب هم أيضاً رأي عام بالنسبة لقيادة الحزب يجب أن تُعلمها بتفاصيل الحياة الداخلية للحزب وهذا أحد أهم المشاريع الآن.
وطالب دخل الله بحلول واقتراحات من أجل الإعلام الحزبي الداخلي، لأنه يُسهم بمعرفة البعثي بحزبه وبحياته الداخلية.
ثانياً الإعلام الحزبي الموجه للرأي العام، مثل صحيفة البعث، ماذا يميز جريدة البعث عن الصحف الأخرى مثل الثورة وتشرين أو صحيفة الوطن مثلاً، يجب أن يكون هناك تمييز بجريدة البعث حيث أنها ليست بالضرورة أن تنقل وجهة نظر الحكومة بغض النظر أن هذه الحكومة، هي حكومة الحزب، في النهاية هي ليست حكومة الحزب، إنها حكومة الشعب، بغض النظر أن الحزب له فيها اليد الطولى، لأن العضو الحزبي عندما يصبح مسؤولاً سياسياً، تصبح لديه اعتبارات أخرى مضطر إلى التعامل معها، وعنده آراء مضطر أن يتبناها و هي ليست في جوهرها أراء حزبية.
وأضاف دخل الله يجب أن يكون للحزب موقفاً متميزاً عن موقف الحكومة و يجب أن يكون الإعلام الحزبي مختلف بشكل كلي، وفي كثير من الأحيان كانت جريدة البعث تنتقد رأي الحكومة بكامله، وكان هناك نوع من التفهم لأن هذا هو موقف الحزب، لذلك الإعلام الحزبي عندما يخاطب الرأي العام، يجب أن يمثل دور الحزب في المجتمع فالحزب هو واسطة بين الناس والحكومة، والإعلام الحزبي يجب أن يكون وساطة بين المجتمع والرأي العام، لأن الحزب ليس مؤسسة رسمية، بل هو مجتمع مدني و هو أهم منظمة مجتمع مدني في سورية، يجب أن يكون المقال الذي تنشره جريدة البعث مختلفاً عن جريدتي الثورة تشرين، وأن يكون لدينا حرية رأي وحرية تعبير وتركز الجريدة على مقالات الرأي، وأضاف دخل الله أن مانشيت جريدة البعث يجب أن يكون مميزاً عن جريدتي الثورة وتشرين فالمحرر عندما يكون حر بالنتيجة سوف يكون مبدع ورأى انه ليس من الضرورة الالتزام بما يصدر عن وكالة سانا لأنها يجب أن تكون مصدراً من مصادر الأخبار بالنسبة إلى جريدة البعث و هذه الجريدة يجب أن تكون متميزة فهي في النهاية جريدة سياسية.
النوع الثالث من الإعلام الحزبي، هو الإعلام الإلكتروني الإعلام التفاعلي
أضاف دخل الله أن من ميزات صحيفة البعث، أنه ما من سلطان لأحد عليها سوى سلطان الحزب والأمين القطري، لذا على المحررين أن ينتقدوا، فالحكومة مضطرة لأخذ مواقف لكن نحن غير مضطرين، والميزة الثانية أننا نحن الصحيفة الوحيدة التي لها تاريخ من النضال يمتد 71 سنة، وأنها الصحيفة الوحيدة التي كانت تنتقد حالة الانفصال فالفكر الحزبي هو فكر ناقد والنص الحزبي هو نص ناقد وليس تمجيدي. لذلك تاريخ الصحيفة فيه 70 سنة من النضال خاصة وأن رؤساء تحرير الجريدة كانوا من قادة الحركة القومية العربية، وهي صحيفة الناس.
وبدأ رئيس تحرير صحيفة البعث مداخلته، مؤكداً على أهمية الأفكار التي طُرحت ورأى أنه في تاريخ الجريدة لم يكن واضحاً بشكل جازم مفهوم الإعلام الحزبي ولاسيما جريدة البعث و أن مسألة التماهي بين الحزب والحكومة غلبت في كثير من الفترات، وهذا يعود إلى الإدارات المتعاقبة في الدار وبعض رؤساء الهرم (مدراء عامين ورؤساء تحرير )مما خلق ترسبات عند الكثير من المحررين وبالتالي حتى لو حاول شخص أن يغير بالأسلوب ويطرح المسألة بطريقة معينة كان من الصعوبة أن يحدث الانسجام مع طريقته بالتغيير لأن الكثير اعتاد على فكرة أن الحكومة هي الحزب والحزب هو الحكومة وبالتالي لا توجد هذه الوظيفة الرقابية للحزب أو مقال الرأي، الآن عندما توضحت الصورة بهذا الشكل البارز واتُخذ بها أصبحت الكرة بملعبنا، إذاً المسألة هي مسألة المهنية هذه النقطة الأولى، أما النقطة الثانية فيما يتعلق بالتغطية الداخلية أو الحياة الداخلية للحزب أكد كنايسي أننا خرجنا عن الموضوع الرئيسي الذي يجب أن نركز عليه بمعنى علاقتنا مع الرأي العام
وبدوره أثنى بسام هاشم مدير تحرير جريدة البعث للشؤون السياسية والثقافية على الأفكار الغنية والمتنوعة التي طرحت خلال الندوة وأشار إلى أن هذا النقاش يحتاج إلى أكثر من جلسة ولكن أهم ما في الموضوع هو أن يعاد ترتيب النقاش و تناوله بشكل منهجي، ففي أدبيات الإعلام من النادر أن نسمع بمصطلح الإعلام الحزبي وربما في الفترة الأخيرة تم طرحه في جريدة البعث من منطلق الشعور بوجود أزمة بين الحزب والرأي العام وفي محاولة لإحياء دور الحزب والتواصل مع جمهوره وهذا الكلام إلى حد ما واقعي ولكن السؤال هنا ما الفرق بين الإعلام الحزبي وإعلام الموقف ,فإعلام الموقف كان دوماً عبارة عن مرحلة متقدمة من الإعلام. والإعلام الحزبي هو الحالة التي نستطيع فيها نحن كعبثيين لنا اديولوجية ومواقف وأفكار وقناعات سياسية وثقافية واجتماعية وقومية ووطنية أن نجسد هذه القناعات من خلال قناة هي جريدة البعث بمعنى أن يكون المحرر بحد ذاته متمثل فكر الحزب ومستوعباً ومتشرباً له وقادر أن يحاور فيه وليس مجرد صحفي ممكن أن يحل محله أي محرر خريج صحافة أو خريج أي قسم جامعي آخر وأعطى هاشم مثالا عن صحيفة البرافدا التي كانت ناطقة باسم الحزب الشيوعي ومع ذلك كانت تتمتع بحضور عالمي بغض النظر عن أنها كانت تمثل مواقف الحزب الشيوعي والقيادة السوفييتية في وقتها، متابعاً أننا نمتلك القدرة على أن نكون صحفيين بعثيين ومهنيين بنفس الوقت خاصة وأن الفرصة متوفرة ولكننا بحاجة إلى مقومات وهنا المهنية يجب أن تكون شرط أساسي حاضر للعمل في أي صحيفة سواء كانت صحيفة حزب أو غيره أما القضية الأخرى هي كيف نستطيع كبعثيين أن نقّيم الآن ما يحدث في العالم العربي لأنه بنفس الوقت ترى صحف عربية في دول كمصر أو تونس ما يسمى بالربيع العربي من وجهة نظر أخرى لذلك لابد أن يكون لدينا المعطيات والمعلومات ونمتلك القدرة على التحليل وخاصة في ظل وجود مراكز أبحاث تلعب دورا كبيراً في هذا الوقت
فيما رأى ناظم عيد مدير تحرير الشؤون الاقتصادية والمحلية لجريدة البعث أن الخبر المحلي لا يخضع للاعتبارات التي يخضع لها الإعلام الحزبي فالخبر هو الخبر الذي يجب علينا أن نوصله إلى الشريحة التي تهمه لنكون المدافعين عن حقوق هذه الشريحة أو تلك على اعتبار أننا حزب جماهيري، المشكلة التي نواجهها أننا لا نستطيع أن نقدم أنفسنا كوسيلة إخبارية على الإطلاق، لاسيما أننا كصحيفة بعث ناطقة باسم الحزب الحاكم لا نملك أي قناة للتواصل مع سلطة و لا نستطيع أن نوصل للجمهور معلومة لم تتطّلع عليها الصحف الأخرى، والسؤال الذي طرحه عيد هل تستطيع القيادة أن تؤمن لنا هذه القناة فنتمكن من أخذ موقفٍ ما في قضية معينة وطرحه في الجريدة، أي تأمين قناة ليكون لدينا مصدر خبر. لذلك نحتاج إلى مصدر للخبر ومن ثم يجب أن نعمل على ما وراء الخبر، ورأى عيد أنه ليس من الصواب أن نعطي حصة كبرى للسياسة في صحيفة حزب على حساب قضايا أخرى ،وأرى أن يكون الجانب السياسي هو عنوان الجريدة وأساسها وهذا أيضاً يحتاج إلى أن نمتلك كفاءات وكوادر .
وخلصت الندوة إلى أن الإعلام الحزبي يمثل دور الحزب في المجتمع والدولة من خلال وجود مفارقات في الوسائل الإعلامية الأخرى لذلك يجب أن نجتهد لتكريس هذه المسألة في صفحات الاقتصاد والمحليات وصفحة الأخبار بالإضافة إلى موقع البعث ميديا والمركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي.