في “ندوة الاثنين الحوارية” التي يقيمها المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي، أضاء المركز على موضوع يشغل بال شريحة كبيرة جداً من السوريين متعلق بالاختبارات المعيارية الوطنية لخريجي الكليات الطبية وبعض الكليات.
قدمت د.ميسون دشاش مديرة مركز القياس والتقويم من خلال الندوة عرضاً سريعاً عن الاختبارات الوطنية التي تشكل هاجساً كبيراً لدى الطلبة السوريين،والتي لا تعتبر وليدة اللحظة ،إذ بدأت وزارة التعليم العالي بالعمل على فكرة الاختبارات الوطنية منذ عام 2007،كما قامت الوزارة ومن أجل التصدي للشهادات العابرة للحدود التي أسمتها اليونيسكو “طواحين الهواء” بإنشاء مديرية التقويم والاعتماد في الوزارة خاصةً في ظل وجود الكثير من الجامعات الوهمية.
ونوهت د. دشاش إلى العدد الكبير من الجامعات الخاصة التي تم افتتاحها في عام 2010 الأمر الذي تتطلب وجود أداة معيارية تفند الجامعات الجيدة والطلاب الأكثر تميزاً عن الطلاب الأقل تميزاً من أجل تحفيز التنافس الإيجابي بين الجامعات الحكومية والخاصة.
وتابعت د.دشاش حديثها قائلة :مع بدء الأزمة السورية في عام 2011 أصبحت الشهادة السورية على المحك وتحت المجهر، وكثير من الجهات شككت بالشهادة السورية خاصة بعد ورود الكثير من التقارير من قبل منظمة اليونيسكو ومنظمة الصحة العالمية التي اشترطت وجود معايير أساسية ،وهذه المعايير هي عبارة عن ضوابط من هيئات مستقلة بمعنى أن مسؤولية تخرج الطلاب لا تقع على عاتق الجامعات فقط بل أيضاً على عاتق جهة خارجية مستقلة.
وأضافت أن هناك تصور عالمي وجد في السنوات العشر الأخيرة يتطلب وجود فاحصين خارجيين ،ومع عدم توفر المُقيمين الخارجيين خلال فترة الأزمة في سورية كان لابد من البحث عن ضوابط لجودة التعليم العالي لدينا كي نحافظ عليه ويكون صمام أمان نسميه “أمن أكاديمي” يقوم بالتحكم بضوابط الأمور ويساهم في بقاء العملية التعليمية والحفاظ على جودتها. فصدرت مكرمة رئاسية من السيد رئيس الجمهورية د.بشار الأسد بإحداث “مركز القياس والتقويم كهيئة مستقلة”.
وكان أهم بند من بنوده ،قياس مخرجات التعليم العالي في جميع الاختصاصات للتأكد من أنها تحقق متطلبات المستفيدين،لذلك ركزت وزارة التعليم العالي على الامتحانات الطبية خاصة ،فالقطاع الصحي خلال الأزمة في سورية كان على المحك أيضاً شأنه في ذلك شأن قطاعات كثيرة في سورية.وبطلب من منظمة الصحة العالمية لدول شرق البحر المتوسط بضرورة توفر أداة معيارية موحدة، تم التركيز على الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والتمريض.
ونوهت د.دشاش أنه منذ إنشاء مركز القياس والتقويم وحتى تاريخه تم إجراء /90/امتحان وطني،كل ذلك من أجل التأكيد على وجود أداة معيارية واحدة تحقق تكافؤ الفرص وتؤمن العدالة وتحقق المساواة بين كل الأطراف والجامعات الحكومية والخاصة.
وتحدثت د.دشاش عن صدور قرار مجلس تعليم عالي ثاني بتطوير الامتحانات الوطنية وجعلها مطلب للتقدم للدراسات العليا من أجل تحقيق العدالة حتى في مقاعد الدراسات العليا .
وكان لابد من ضبط المخرجات من أجل المحافظة على جودة التعليم العالي، فمع انتقال العديد من الجامعات الخاصة إلى مقرات مؤقتة وتركها لمقراتها الدائمة أصبح لدينا قواعد اعتماد خاصة بالمقرات المؤقتة،مع نقص في الكادر التدريسي فعلى سبيل المثال كان هناك نقص حاد في الكادر التدريسي باختصاص الصيدلة 44 أستاذ موزعين على كافة الجامعات السورية.
وأشارت د.دشاش إلى الهاجس الكبير لدى وزارة التعليم العالي المتمثل بتثبيت العملية التعليمية كي يستمر الطلاب بإكمال سنوات الدراسة رغم الأزمة وتقديم الامتحانات بأوقاتها المحددة.لذلك كان لابد في هذه المرحلة الحساسة من التفكير بأمر مهم جداً وهو تحقيق الجودة المطلوبة، وبالطبع قامت جامعتا دمشق وتشرين بتحمل العبء الأكبر لتواجدهما في مناطق مستقرة وبنفس الوقت لم تستمر العملية التعليمية في باقي الجامعات،الأمر الذي تتطلب تشجيع التعليم الذاتي عند الطالب خاصة إذا لم تحقق جامعته هذا الأمر،لذلك قام مركز القياس والتقويم بطبع دلائل إرشادية للحد الأدنى من المعرفة والمهارات التي يجب أن يتمتع بها خريج الكليات الطبية ومن ثم توسع المركز ليشمل الكليات الهندسية.
وعلى سبيل المثال هناك /36/مهارة أساسية في الطب البشري يجب أن يكون طالب الطب البشري مُلماً بها قبل التخرج.
ثم انتقلت د.دشاش للحديث عن الغاية الأساسية من إجراء الامتحان الوطني والمتمثلة بـ:
تصنيف الجامعات والبرامج والطلاب، كما أنها تساعد على التقدم للدراسات العليا، وتساهم بالاعتراف الخارجي من قبل منظمات الصحة العالمية واليونيسكو بالشهادات السورية.
ثم تحدثت د.دشاش عن وجود /5/مراكز امتحانية تجرى فيها الامتحانات و/21/جامعة وغرفة مراقبة هي “مركز القياس والتقويم”الذي يقوم بإرسال لجان امتحانية في ذروة الأزمة السورية للإشراف على الامتحان الوطني من أجل تطبيق المصداقية بسرية ونزاهة وبأمانة وبعدالة،وهذا ما يجعلنا ننتقل للحديث عن إدارة الاختبارات الوطنية .وإذا ما أردنا التحدث عن الامتحانات الوطنية خلال فترة الأزمة يجب علينا التحدث عن الجانب الإداري والعلمي والمالي والتقني.
شكل الجانب الإداري تحدياً للمركز من خلال قيامه بإجراء الامتحان الوطني لـ/21/جامعة و في /5/مراكز امتحانية بنفس الوقت والزمان ونفس المكان كل ذلك من أجل تحقيق الجودة وإصدار النتائج بكل مصداقية، فإذاً وبحسب رأي د.دشاش كانت إدارة الاختبارات الوطنية بمثابة عبء على الوزارة والمركز ومع ذلك عملت وزارة التعليم العالي على إنجازه من أجل ضمان الحصول على الاعتراف بالشهادة السورية.
أما بالنسبة للجانب العلمي فقد أشارت دشاش أن أحد المآخذ على الامتحان الوطني يتمثل بعدم توحيد المناهج مؤكدة على أحقية بعض الشكاوى التي تصل إلى المركز،فالغاية حسب رأيها ليست توحيد المناهج بل الوصول إلى “اللانمطية في التعليم”،لذلك عملت الوزارة على فكرة “الخطة الوطنية لتطوير برامج التعليم العالي ومناهجه”، وعلى المعايير الأكاديمية الوطنية التي تحدد الحد الأدنى للمعرفة والمهارات التي يجب أن تكون متواجدة لدى الطلاب المتخرجين قبل الدخول إلى سوق العمل.وطبعاً هذا الأمر يطبق على كل الاختصاصات، حيث تم تطبيقها على /17/قطاع اختصاصي.مشيرة إلى أن أسئلة الامتحان الوطني يجب أن تمس الحد الأدنى من المعرفة والمهارات للطالب،لذلك لسنا بحاجة لتوحيد المناهج وتوحيد الكتاب الجامعي لأنا نأخذ الحد الأدنى من المعرفة والمهارات، فعلى سبيل المثال خريج كلية الطب من أية جامعة سواء سورية أو غير سورية يجب أن يعرف كيف يتم سحب الدم أو كيفية الاعتناء بالجرح.
وبالحديث عن الجانب التقني شددت د. دشاش على التسهيلات التقنية التي قدمتها الوزارة والتي يستطيع الطالب من خلالها التسجيل الكترونياً على مدار 24 ساعة،وتسجيل الطلاب من خارج سورية عن طريق نقاط نفاذ خارجية،وتم كل ذلك بالتعاون مع الجامعة الافتراضية.
النقطة الأخرى التي أشارت إليها الدكتورة دشاش هي منح شهادات (QR CODE )للطلاب خارج سورية،ويستطيع الطالب من خلال برنامج ( Android system ) أن يحصل على علامته وبشكل مباشر ومجاني، وهذا البرنامج هو من تصميم فريق مركز القياس والتقويم ،كما يتيح للطالب التحقق من جودة الشهادة وبالتالي يتم التأكيد من خلالها على عدم حصول عمليات تزوير لشهادة الامتحانات الوطنية.
الأمر الآخر هو منظومة الشكاوي والخطة التي يتبعها المركز عن طريق ثلاث نقاط نفاذ “تشرين- البعث – دمشق” حيث سيصبح الامتحان محوسب في آخر 2017 والآن تم تجهيز جامعة تشرين وخلال الشهر القادم تصبح منظومة الامتحان جاهزة، وبالتالي تسمح للطلاب بتقديم الامتحان والحصول على النتيجة بشكل مباشر، وهي تسهل الأمر على الطلاب وتوفر عليهم الوقت وتم ذلك بالتعاون مع وزارة التعليم العالي وهيئة تخطيط الدولة، وأكدت الدكتورة دشاش انه بالنسبة إلى المنظومة المالية,فإن إيرادات مركز القياس والتقويم تغطي نفقاته فهو منذ تأسيسه لم يأخذ أي إعانة مالية من الحكومة واستطاع المركز أن يجهز نقاط النفاذ ،و برأي الدكتورة دشاش هناك عامل مهم جداً هو نشر ثقافة القياس والتقويم فعلى حد قولها إننا بحاجة إلى نشر الكثير من الثقافات واحدة منها هي ثقاقة الجودة وثقافة المواطنة من خلال التشجيع على أي فكرة جديدة وفهم الأفكار والهدف منها قبل مقاومتها.
يوجد في كل الجامعات والكليات السورية مديرية امتحانات من إحدى مهامها إعطاء نتائج امتحانية. ولكننا لا نستطيع من خلال هذه الدرجات الامتحانية أن نحدد هل هي تعكس مستوى الطالب أو الأستاذ أو المنهاج إذا المشكلة هي في بيئة التعليم أو الكتاب الجامعي، في مديرية الامتحانات نرى القياس ولكن لا نرى التقويم فلا يوجد عميد كلية يعقد اجتماع ويناقش في مقرر من المقررات الامتحانية أسباب المشكلة وما هي الإمكانية لتطوير وتحديث المنهاج الجامعي لدينا ،وهذا ما يسبب اشكالية في مركز القياس فنحن نمتلك ثقافة القياس لكننا بحاجة الى ثقافة التقويم، وبالتالي ترجع بمنظومة راجعة تخاطب من خلالها الجامعات والكليات بلغة واضحة هي أن هذه الجامعات والكليات لا تدرس طلابها في المناهج ما يفيد البلد والمجتمع والناس.وخلصت الدكتورة دشاش إلى أن اكبر مشكلة نواجهها هي نشر ثقافة القياس والتقويم .
وكانت أولى المداخلات التي أثارها موضوع الندوة ما طرحه أ.غسان فطوم المحرر في جريدة البعث، الذي أكد على أن ثقافة القياس والتقويم غير موجودة حالياً في المجتمع السوري، لذلك فإن أي خطوة إيجابية باتجاه تصحيح المنظومة التعليمية ستواجه بالرفض وتقاوم بحجج كثيرة أولها أننا الآن لسنا في وارد تطبيق هكذا أمر في هذه الفترة العصيبة ،وهو أحد الأسباب أو الملاحظات التي أثيرت تجاه الامتحان الوطني ،فمن حيث المبدأ أكد فطوم أنه مع الامتحان الوطني خاصة في هذه الظروف الصعبة، فمنظومة التعليم العالي في سورية اليوم هي تحت مجهر منظمة اليونسكو وبالذات بعد أن قامت المنظمة بتوجيه ثلاثة انذارات للتعليم العالي في سورية، وأن الشهادة السورية أصبحت على المحك بناء على حديث سابق أجراه فطوم مع الدكتور محمد عامر مارديني وزير التعليم العالي السابق.
وبرأي فطوم لدى الطالب كل الحق في إبداء الملاحظات حول الامتحان الوطني، وفي الوقت ذاته للوزارة الحق أيضاً من هذا المنطلق للحفاظ على هيبة الشهادة الجامعية والسؤال الذي يطرح هنا لماذا الطالب السوري يبدي ملاحظات على الامتحان الوطني؟ هل يعتبر الطالب أن الامتحان عثرة وضعتها الوزارة في طريق تخرجه؟ فهناك الكثير من الطلاب يعترضون من منطلق أنه هل يعقل وبعد خمس سنوات من الدراسة أن يكون سؤال واحد هو من سيحدد مصير تخرجه؟! .
ومن جانب آخر تعتبر الوزارة أنها تملك الحق بأن تجري اختبار مهارات وهنا يشير فطوم بأحقية الوزارة بهذا الموضوع من منطلق أن المناهج الموجودة في الجامعات السورية ومع الأسف تعتمد حتى الآن على طريقة الحفظ والتلقين بمعظمها سواء الطبية منها أو العلوم الإنسانية بمعنى أن هذه المناهج لا تعلم الطالب كيف يفكر أو يبدع أو يحلل، فعند الامتحان الوطني سأقيس هذه المهارات وهنا بالتأكيد لن أستطيع أن أقيس مهارات الطالب وهو لم يتلق علوماً نوعية بالمعنى الصحيح. ونوه فطوم إلى تأكيد وزير التعليم العالي على ضرورة وجود بنك أسئلة موحدة يكون متاح أمام جميع الطلاب،مشيراً إلى وجود بعض الأخطاء التي قد تحصل والتي يقوم المركز بتداركها. أما بالنسبة للتأخير الذي قد يحصل في تخرج الطالب، فإلزام الطالب بالامتحان الوطني كشرط للتخرج يؤخر الطالب عن إكمال دراسته فهنالك الكثير من الطلاب لديهم طموح بإكمال دراسات عليا وعندما يتم تأخير الطالب سنة أو سنتين يكون قد قضي على مستقبله وبالنتيجة سيتأخر بالدخول إلى سوق العمل أو خدمة العلم أو إكمال دراسته في إحدى الجامعات عن طريق الاستفادة من المنح الجامعية .
إذاً برأي فطوم هنالك إشكالية في الامتحان الوطني تتجلى في عدم وجود مناهج موحدة وأخطاء امتحانية إضافة إلى اجراءات تقنية تحدث أثناء الامتحانات، وآخر ما تم تسريبه أن الامتحان سيعتمد شرطاً للتخرج في الكليات الطبية بينما باقي الكليات لن يعتبر شرط اًللتخرج ، ويعتبر فطوم أن الامتحان الوطني هو بمثابة فلتر فنحن اليوم أحوج أكثر من أي وقت مضى لهذا الامتحان .
النقطة الأخرى التي أكد عليها فطوم هي مخرجات الثانوية فالجميع يعلم كم الفساد في امتحان الثانوية العامة، وبالتالي سيأتي من يقول لك أن السنة التحضيرية ( تفرمل )الطالب الذي سيختار الدخول إلى كلية الطب أو كليات أخرى، لذلك يجب أن تتعاون وزارة التربية مع وزارة التعليم العالي في هذا الجانب لأنه من الظلم قياس كفاءات ومقدرات الطالب بامتحان واحد يجب أن تكون هناك عودة لتصحيح المناهج وتنقية الامتحانات الجامعية من أية شائبة بحيث تكون الامتحانات موضوعية والمناهج مطلوبة بسوق العمل باختصاصات جيدة، فمثلاً في كلية الإعلام حتى الآن يوجد كتب عمرها 25 أو 30 سنة لم تُحدّث وهذه تعتبر مشكلة. إذا هناك مشكلة في المناهج يجب تصحيح المناهج أولاً ثم اعتماد الامتحان الوطني.
وفي معرض ردها على الأسئلة المثارة أشارت الدكتورة دشاش إلى عدة نقاط أولها النقطة المتعلقة بالخطة الوطنية لتطوير برامج التعليم العالي حيث أكدت د. دشاش أن وزارة التعليم العالي عملت على تطبيق هذه الخطة وركزت على مستوى الجودة على مستوى الوزارة ،وعندما كان من المفترض الانتقال بهذه الخطة إلى مستوى الكليات بدأت الأزمة السورية وهنا كانت الصعوبة بأن تدخل إلى الجامعات والكليات لتضبط العملية التعليمية لديها وهذا ما تقوم به وزارة التعليم العالي وهنا مركز القياس والتقويم كانت وظيفته كشف الخلل ونقاط القوة والضعف، لذلك كان من الضروري أن نظهر ونثني على الايجابيات وعدم الاكتفاء فقط بالحديث عن السلبيات، وأكدت الدكتورة دشاش على نقطة مهمة جداً هي ( المدخلات والعملية التعليمية والمخرجات )فمركز القياس والتقويم يقيس المخرجات وبالتالي السؤال هنا ما هي ابسط وأسهل الطرق لقياس المخرجات وعلى حد قولها إن المركز لا يتدخل أبدا بالعملية التعليمية وهنا تمنت الدكتورة دشاش أن يتم إحداث هيئة جودة وطنية تتمتع بالحيادية والاستقلالية وتتبع رئاسة مجلس الوزراء لا تكون تابعة لوزارة التعليم العالي، ولا لأي جهة بل تعمل تحت مظلة رئاسة مجلس الوزراء. وهنا مركز القياس والتقويم يقوم بقياس هذه المخرجات لذلك من الضروري أن تكمله وبالتوازي هيئة جودة واعتمادية، أما بالنسبة إلى تأخير الطلاب فقد سمحت وزارة التعليم العالي للطلاب أن يدخلوا شرطي والطالب هنا لا يتأخر تخرجه فالطالب الذي كان ينقصه أربع مواد سمح له، و سابقاً لم يكن هذا الأمر متاح وبالتالي لا يتأخر تخرجه وهذه تعتبر نقطة ايجابية حسب رأي الدكتورة أما بالنسبة إلى خدمة العلم فالوزارة تعطي للطالب أربع فرص لتأجيل خدمة العلم قبل أن يتم سحب الطالب إلى الخدمة الإلزامية.
ووضحت د.دشاش أن كل الأسئلة التي تضمنت أخطاء امتحانية تم استبعادها وحذفها وبالتالي تم تدارك هذا الموضوع وفيما يتعلق ببنك الأسئلة الوطني قام مركز القياس والتقويم بمراسلة كل قواعد البيانات واسكوبس وتمت الموافقة على ترجمة كل الكتب العالمية مثل هيرسون التي ستترجم إلى اللغة العربية حتى نستطيع من خلالها أن نحدث بنك أسئلة وطني وستكون بمتناول الطلاب ،هناك 3000 سؤال من كل اختصاص تأتي الأسئلة منهم بالطبع.
وفي مداخلته أشار د.عبد اللطيف عمران المدير العام ورئيس هيئة التحرير في دار البعث إلى أن الامتحان الوطني لايردم الفجوة التي قضاها الطالب الأربع أو خمس سنوات لنيل الإجازة الجامعية، لذلك ربما من الأجدى إذا لم يكن هناك اعتراف من قبل اليونيسكو لن يكون الامتحان الوطني لوحده يُجلّس الاعوجاج الحاصل في سنوات الدراسة الجامعية ، فأنا أعتقد بغض النظرعن الامتحان كان أم لم يكن فإن كلمة الامتحان لتلافي النقص الحاصل سابقاً هي حجة غير مقبولة، يجب على المعنيين في الوزارة مراقبة الطالب والمناهج والمقررات من السنة الأولى، لذلك هذه الذريعة يجب أن تسقط تماماً من مسوغات الامتحان الوطني، و أنه يجب تدارك الأخطاء الحاصلة خلال خمس سنوات ،من يستطيع أن يتدارك الاخطاء الحاصلة خلال جلسة امتحانية واحدة على حد قوله؟.
وفي مداخلته قال أ.ناظم عيد مدير تحرير الشؤون الاقتصادية والمحلية في جريدة البعث،بناء على معطيات لدي أنه لم ينجح أي طالب من الجامعة الخاصة في الامتحان الوطني لكلية الصيدلة. وهنا أستنتج كمتابع، أن للسجال بعدٌ آخر غير علمي.. فوزارة التعليم العالي ،في الحقيقة، تُقارب هذا الموضوع بالخط الأحمر من الداخل، وربما خجلة من أن تقولها علانية فيما يخص الجامعات الخاصة، فهؤلاء لديهم نفوذ ولديهم وسائل ضغط معينة على الحكومة، وخرجنا بالامتحان الوطني لدرء القليل من هذه المخاطر. يجب وضع معايير للجامعات الخاصة، وألا يكون التعليم فيها مجرد استثمار، فالجامعات الخاصة تعتمد الأعراف وليس القوانين، أي لا يجوز أن يرسب الطالب، والمهم ما يدفعه من المال، وبالتالي يتخرج الطالب طبيباً، وهو لقب له بعد اجتماعي غالباً وليس بعداً مهنياً. أي أنه سيعمل كي يقتات من هذه الشهادة. ونحن ندلف هذا النقاش لأنه وصل ببعض الناس لإلغائه.. أنا لا أتصور طالباً في جامعة حكومية له مصلحة في ذلك، لأنه توجد قوانين ودساتير أما في الجامعات الخاصة المشكلة ليست كذلك.
و تحدث أ. محمد كنايسي رئيس تحرير جريدة البعث في مداخلته حول معادلة الشهادة الثانوية، ملاحظاً في بعض الشهادات الثانوية، خاصة التي تؤخذ من الدول الخليجية ولا سيما من السعودية، أن بعض السوريين الذين لم يكونوا بمستوى كافٍ من الكفاءة وذهبوا إلى السعودية وحصلوا على شهادة ثانوية عامة بعلامات ممتازة وقاموا بمعادلة الشهادة ودخلوا بقطاعات خاصة، كالطب أو الهندسة أو غيرها. تلك إحدى إشكالات مسألة الجامعات الخاصة، وأمامها إشارة استفهام كبيرة.
المسألة الثانية أن الحل الجوهري والبنيوي للمسألة التعليمية في سورية يكمن في إعادة إصلاح المناهج لأنه الأهم. المشكلة أننا عندما نطرح مسألة إصلاح المناهج فإننا نطرحها في نطاق وزارة التعليم العالي فقط،يجب أن يبدأ إصلاح المناهج من الروضة، لن نتمكن من إصلاح المناهج في مرحلة التعليم العالي، هذه مسألة مستحيلة. لهذا نضطر للجوء لوسائل أخرى مثل الامتحان الوطني، هذه مشكلة حقيقية.
أشارت د.دشاش إلى أن الامتحانات الوطنية ليست عقوبة ودعونا نعترف على أنها أمر ثابت. هل يعطي الامتحان الوطني قيمة مضافة لخريجي الجامعات أم أنه يسيء لهم؟ هل يطور كفاءاتهم ومعلوماتهم أم العكس؟
من خلال تجربتنا مع الجامعات الخاصة، كانت نسبة نجاح الطلاب في الامتحانات الوطنية الأولى في بعض منها بطب الأسنان والصيدلة 2% وهي كانت امتحان كفاءة فقط للحصول على مصدقة التخرج. وعندما أصبحت دراسات عليا ارتفعت لـ 29%. الآن نفس هذه الجامعات وصلت نسبة النجاح فيها من 90 إلى 93% في كلية الطب البشري وطب الأسنان لأن الطب البشري أخذ فترة شرط للتخرج، ولم تظهر به الخضات التي ظهرت بباقي الاختصاصات، وكان شرط التخرج بالطب البشري منذ البداية علامة النجاح 60 درجة وقد أثرت هذه النسب على كل الجامعات بشكل إيجابي.
إذاً، الامتحان الوطني قوة دافعة للجامعات الخاصة لكي تطور أدائها و تتحسن ولم نقصد أن كل طلاب الجامعات الخاصة غير جيدين.
وبعد أن ظهرت موضة إلغاء الامتحان الوطني، طلب منا العديد من الطلاب الأوائل أن نرفض إلغاء هذا الامتحان، ومطالبة بعض الناس بإلغاء الامتحان ما هي إلا بروباغندا إعلامية أكثر من كونها تستند إلى أرض الواقع، فنحن نمتلك معايير ومؤشرات.
وبالنسبة للطلاب الذين خرجوا للدراسة في الخارج هم طلاب أوائل ونحن متفقون على هذا الأمر، فأكثر الطلاب الذين تم قبولهم هم من الطلاب الأوائل، منهم في طب الأسنان والطب والصيدلة نراهم يدرسون كتب مرجعية وكتب أجنبية من السنة الأولى ويشترون مناهج، وعندما تسألهم يردون أنا لا أدرس منهاجي فقط بل أكثر من ذلك لأنني أفكر في السفر خارج البلد. هؤلاء الطلاب يعملون على هذا الهدف من السنة الأولى والثانية والثالثة وليس كل طلابنا يقوم بذات الأمر.
وفي النقطة الأخيرة فكرة إصلاح المناهج، نحن لسنا ضد هذه الفكرة، ففي النهاية هي مسؤولية الطالب والأستاذ والجامعة. تخيل أنك تنجز امتحان وطني كل سنة لستين مقرر، أحياناً تتفاجأ أن هناك 117 طالب لم يتخرجوا بعد بالرغم من تقديمهم 7 مرات، فهذه إشكالية واضحة. نحن نضبط المدخلات والمخرجات، لكن العملية التعليمية هي مسؤولية الجامعة بالنهاية والمقررات هي مسؤوليتهم وعليهم أن يدركوا نقاط الضعف والقوة لديهم.
وبسؤال قسيم دحدل المحرر في صحيفة البعث عن الربط بين معدل التخرج وبين نتائج الامتحان الوطني.
أجابت د.ميسون: قمنا بإجراء دراسة على عينة من الطلاب على أساس إيجاد ما يسمى ارتباطاً خطياً بين علاماتهم في شهادة التعليم الثانوي والمعدل الجامعي وعلامة الاختبار الوطني، فكانت النتيجة 0.79 ويجب أن تكون أعلى من 0.5 وبالتالي فإن الطالب المتفوق في مرحلة هو نفسه المتفوق في باقي المراحل. وهدفنا في المركز ألّا يضطر الطالب لمراجعة أي كتاب لتقديم الامتحان، لأننا نقوم بسبر الحدّ الأدنى للخريج/الطالب.
وخلصت مداخلة أ.غسان فطوم على أن الامتحان الوطني ضرورة، والطالب الكسول غير مقتنع بأهمية الاختبار، فهو يريد أن يأخذ شهادته ويحتفظ بها، وأن وحوالي 60% من الطلبة مع إلغاء الاختبار الوطني كشرط للتخرج، وهذا يرجع لاعتبارات شخصية. وبصراحة الامتحان بحاجة إلى تصويب، وأنا أتعاطف إلى حدّ ما مع الطلبة بعدم اعتباره شرط للتخرج وإنما شرط لدخول الدراسات العليا. إذاً يجب علينا نشر ثقافة التوعية، وهذا واجب وزارة التعليم العالي.
وبينت د.ميسون أن هنالك الكثير من الطلاب لم تكن مع الامتحان الوطني والآن هي تؤيده، كذلك الأمر بالنسبة لبعض عمداء الكليات، بعد أن أخذوا معطياتنا وأرقامنا إضافة إلى عرض بعض التجارب العالمية عليهم أصبحوا يؤيدونه ،وقد أثبتت تجاربنا أن الامتحان هو قيمة مضافة لسورية ويحسن القطاع الصحي بالبلد، بالأرقام والإحصائيات.
د.عبد اللطيف عمران: خلال سنوات الأزمة، تقدّم العامل الذاتي على الأحكام في المؤسسات، والأزمة جعلت المواطن ينشد الخلاص الفردي وكل إنسان لديه قدرة على التحمل.
وأوضح د. وضاح الخطيب مدير المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي أن طلاب الجامعات الخاصة متهمين بشراء الشهادات وليس لديهم الكفاءات اللازمة، هنا يأتي هذا الامتحان ليعطيهم المصداقية التي يبغونها. ومن أجل ذلك فإن الكثير من الجامعات الخاصة التي تبذل المجهود الكبير تؤيد وبشدة هذا الامتحان. ونحن بالطبع لم نقم باستطلاع رأي حقيقي لنعرف هل غالبية طلاب الجامعات الخاصة أكثر قبولاً للامتحان من طلاب الجامعات العامة، وكل ما يتداول هو انطباعات فقط. فأنا كمدرس جامعي أتكلم باسم الطلاب وقد يكون كلامي أو انطباعي صحيحاً وقد لا يكون، إضافة إلى أن استطلاعات الرأي وحدها لا تكفي.
وانتقل د.وضاح الخطيب للحديث عن إصلاح المناهج، قائلاً سأدعي أنه بقسم اللغة الإنكليزية بجامعة دمشق، المنهاج هو من الأفضل عالمياً، فالقضية ليست قضية إصلاح مناهج فقط، بل يجب توفر بيئة كاملة “المدرس والمنهاج والقاعة ونسبة عدد الطلاب في القاعة إلى المدرس”، فما الفائدة من منهاج يدرس بأهم الجامعات الأمريكية والمدرس يدخل على مدرج مليء بـ 500 طالب، وأتمنى قبل التكلم بإصلاح المناهج، ملاحظة بيئة التدريس ككل.
وختاماً خلصت الندوة إلى أن لقطاع التعليم العالي حساسية خاصة، فالعمل فيه مختلف تماماً عن غيره من الوزارات، لأنه وزارة التعليم العالي تعتبر الوزارة الوحيدة التي لا يوجد فيها مركزية قرار، فلا يستطيع الوزير التنكر لرأي الهيئات التابعة للوزارة، فالقرار هنا يغربل أكثر من باقي الوزارات. هناك مزاج عام خلال الأزمة وخاصة عند الطلاب، هو مزاج قطيعي.
فنحن خلال الست سنوات من الأزمة ما زلنا نناقش إلغاء الامتحان أو الإبقاء عليه بدلاً من تطويره والدخول في مرحلة الامتحانات المحوسبة.