اعترفت هيلاري كلينتون، الداعمة الأساسية للتجارة الحرة، بأنها منفصلة عن الواقع “بسبب الحياة التي كنت أعيشها والثروة التي نتمتع بها أنا وزوجي”، أو حين صرحت بأن قطر والعربية السعودية، اللتين تدعمان مؤسسة كلينتون، تمولان أيضاً الإرهاب. هذا بعض ما ورد من الرسائل الالكترونية المسربة للفريق الانتخابي للمرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية على موقع وكيليكس. ولكن لم يمنع ذلك الناخبين، الذين يكرهون بشكل أكبر خصمها الجمهوري والذين يعتقدون بأن المرشحين الآخرين ليس لديهم أدنى فرصة للفوز والمنافسة، من التصويت لصالحها.
ترافقت عملية رفض المرشح الجمهوري دونالد ترامب مع حملة لخنقه إعلامياً عن طريق الانتقادات اللاذعة له، ولكن لم يكن نصر هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي كافياً لمحو عدم شعبيتها. فقد استمر الناخبون التقدميون بلومها على تقاربها من وول ستريت، ولكن في الحقيقة لا يملكون أي خيار آخر غير التصويت لها، مع المخاطرة بنسج تحالفات مع أوساط رجال الأعمال الذين يفضلونها عن دونالد ترامب الذي لا يمكن السيطرة عليه.
في 24 أيار 2016، وفي افتتاحية له، تساءل كاتب الافتتاحيات المحافظ ديفيد بروكس في النيويورك تايمز “لماذا لا تحظى هيلاري كلينتون بأي شعبية؟” بدلاً من البحث عن الإجابة من منظور تقييم سياسي، ذهب لتحليل سيكولوجيتها : “سأبدأ شرحي انطلاقاً من هذا التساؤل.. هل يمكن أن تقولوا لي ماذا تفعل هيلاري كلينتون للتسلية؟”
إذا ما كانت السيدة الأولى سابقاً بالكاد تستطيع جذب الجمهور، ذلك يعود قبل كل شيء لطبعها المنغمس باستمرار بمهنتها ووظيفتها، فهي تفتقر للمرح. ويؤكد بروكس فكرته قائلاً :”عدم شعبيتها سببه إدمانها على العمل” ما يضعها ” على قطيعة مع أخلاق عصر شبكات التواصل الاجتماعي، الذي يرفع من قيمة مفهومي الحميمية وعرض المشاعر الإنسانية الحساسة والضعيفة”. يمكن لهذا التفسير العاطفي والأخلاقي تجاه كلينتون أن يكون صادماً خصوصاً من كاتب افتتاحيات قريب من الحزب الجمهوري. ولكن شدة رفض دونالد ترامب كمرشح قوي إلى درجة أن تؤدي إلى تفسيرات وأحلاف (في الظاهر) غريبة وغير اعتيادية.
عندما نقوم بقراءة بروكس، يخولنا الاعتقاد بأن كلينتون قد بدأت حديثاً مسيرتها السياسية الأمريكية، في حين كانت بشكل متتابع السيدة الأولى في البيت البيضاوي وسيناتور ووزيرة خارجية. فهل تناسى بروكس التزامها وموافقتها على غزو العراق في عام 2003، والخطابات الثلاثة التي ألقتها أمام مصرفيي غولدمان ساكس، والتي تلقت عليها 225,000 دولار (202,000 يورو)، ودعمها الذي لا يتزحزح لاتفاقيات التجارة الحرة، ودعمها لقلب الزعيم الليبي معمر القذافي؟ وماذا نقول أيضاً عن تضارب المصالح التي تورطت بها مؤسسة كلينتون- والتي هي نوع من شركة عائلية خيرية متعددة الجنسيات- عندما كانت كلينتون تخدم إدارة أوباما؟ فحسب النيويورك تايمز (18 تشرين الأول 2015)، نجح بعض المدراء التنفيذيين للمؤسسة، وذلك من خلال حملة لوبي مكثفة إلى جانب وزيرة الخارجية كلينتون، بتحويل أموال مخصصة لبرنامج فيدرالي لمكافحة السيدا في راوندا إلى أحد برامجهم التدريبية الخاصة، دون نسيان حتى تقارب المرشحة الديمقراطية مع وول ستريت، حيث يمول كبار رجال الأعمال حملتها ومؤسستها على حد سواء. ترامب ذاته أعطى لمتجر (مؤسسة) عائلة كلينتون 100,000 دولار في عام 2009. وينبغي القول بأن الملياردير أظهر لفترات طويلة الكثير من الود تجاه الزوجين كلينتون، وبأنه دعاهما لزواجه الثالث في كانون الثاني 2005. وفي الكنيسة كان ” بيل وهيلاري” جالسين في الصفوف الأولى، وعندما نرى ابتساماتهما الرائعة والمشعة، يمكن القول بأنهما أمضيا وقتاً ممتازاً. هكذا تقوم هيلاري كلينتون بالاستمتاع.
في الحقيقة، يعني التصويت في تشرين الثاني لكلينتون في مضمونه اختيار زوجين لا ينفصلان، وحيث كل منهما يعتبر الآخر أقرب مستشاريه. علاوة على ذلك، أعلنت هيلاري كلينتون مسبقاً بأنها إذا ما ربحت الانتخابات، سيكون لزوجها الدور في قيادة السياسة الاقتصادية وستوكل إليه، كما أعلنت في لقاء عمل في ولاية كنتاكي في 15 أيار 2016، المهمة المتمثلة بـ” إنعاش الاقتصاد، لأنه يعلم كيف يفعل ذلك”. وفقاً للصورة التي تحب إعطاءها لنفسها، تظهر كلينتون اهتماماً عاطفياً كبيراً لمصير الأطفال. ولد هذا الشغف منذ أكثر من 30 عاماً، عندما كان زوجها حاكماً لأركنساس، حيث ارتبطت بمنظمات خيرية كصندوق الدفاع عن الأطفال، أملاً ببناء أسطورتها المتمثلة بكونها المرأة الكريمة. بالرغم من ذلك، وخلال أعوامها في الجنوب الأمريكي، كرست أيامها لقضية أخرى مختلفة تماماً.. فمن عام 1977 لعام 1992، عملت لشركة روز للمحاماة، واختصت في قضايا براءات الاختراع والملكية الفكرية. تجسد شركة روز للمحاماة التواطؤ السري بين المؤسسة السياسية التقليدية وأوساط رجال الأعمال في أركنساس، فشركة وول مارت هي من بين زبائن روز للمحاماة. فوول مارت هي شركة أمريكية مترامية الأطراف للبيع بالتجزئة والمعروفة بكرهها للنقابات وحبها للمنتجات المصنعة ذات التكلفة المنخفضة في بلاد تخضع فيها اليد العاملة للضرائب المتزايدة وللسخرة بلا رحمة.
الأريحية مع إدارة بوش
فتحت مدة الخدمة في شركة وول مارت المتعددة الجنسيات للمحامية كلينتون أبواب مجلس إدارتها والتي بقيت فيه من عام 1986 إلى عام 1992، مع راتب سنوي بقدر 18,000 دولار ( ما يعادل 31,000 دولار حالياً إذا ما أخذنا في الحسبان حالة التضخم). حتمت اللباقة عليها دائماً ألا تشير، على الساحة العامة، إلى المواضيع التي يمكنها أن تغضب مجتمع بنتونفيل، وخصوصاً الموضوع الذي يتعلق بسياستها الهادفة لتخفيض حاد في الرواتب والأجور، مع العلم بوجود صعوبة كبيرة لتربية الأطفال مع مبلغ سنوي يقدر بـ19,427دولار- وهو الراتب الوسطي لمحاسب في شركة وول مارت. في عودة له من رحلة في جنوب الولايات المتحدة ما بين عامي 2013-2014، تحدث الكاتب بول تيرووكس عن مشاهدته، في ولاية أركنساس، لـ”مدن شبيهة بمدن زيمبابوي، مهملة ومطوقة مثلها”. استهزأ الكاتب من مؤسسة كلينتون الطموحة جداً فيما يتعلق بـ”إنقاذ الفيلة في إفريقيا”- إحدى البرامج الأساسية لهذه المؤسسة- ولكنها في الوقت ذاته لا تهتم بالعائلات السود الفقيرة في الولاية التي ولد فيها السيد ويليام كلينتون.
منذ بداية عهده، بدأ الرئيس، المهتم بتحسين تمويل الحملات الانتخابية والتي كانت تعتمد بشكل كبير على الاتحادات الصناعية الضخمة، بتوجيه الحزب الديمقراطي إلى اليمين. من أجل ذلك، استخدم الرئيس جميع الوسائل لتبني قانون اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) والذي تحبذه الشركات المتعددة الجنسيات ويكرهه المرشحون الديمقراطيون. لم تعارض السيدة كلينتون هذا المشروع مطلقاً. ففي 29 تشرين الأول عام 1992، شاركت حتى في الاجتماع الرئيسي، المنعقد في فندق شيراتون في ولاية ارنلغتون، والذي قرر زوجها خلاله دعم الاتفاق في فترة التفاوض في حقبة الرئيس المنتهية ولايته آنذاك جورج دبليو بوش، ومن ثم ساهمت بتحديد الاستراتيجية وتعريفها من أجل إقناع المنتخبين والمرشحين بالاتفاقية.. اختصر ذلك السيد توماس نيدز، العضو السابق في فريق كلينتون بقوله: “كسب الممثلين السياسيين واحد تلو الآخر وذلك بتحديد من يمكن التلاعب به وكيف”. في تشرين الثاني 1993، وبفضل دعم السيد نيوت جينجريتش الذي كان الرجل الثاني للجمهوريين في مجلس النواب، تم التصديق على نافتا، وقد عبرت السيدة الأولى للولايات المتحدة في 6 آذار 1996 عن رضاها :”اعتقد بأن نافتا قامت بالبرهنة على فعاليتها”.
أبدى السيد كلينتون جرأة بعد فوز اتفاق التجارة الحرة وأخذ ينسحب ويتخلى تدريجياً عن المبادئ الأساسية لدولة-الرفاه الأمريكية، التي تعود أسسها إلى أعوام 1930 واتفاق فرانكلن روزفلت الجديد (مجموعة من البرامج الاقتصادية). فرض أيضاً السيد كلينتون، ودائماً بمساعدة السيد نيوت جينجريتش، الذي أصبح رئيس النواب بعيد هزيمة الديمقراطيين عام 1994 في منتصف الفترة الرئاسية، إصلاحاً على المساعدات الاجتماعية التي حرمت مساعدة أكثر من 11 مليون عائلة فقيرة. وكعلامة احتجاجية، استقال السيد بيتر إيدلمان- زوج مؤسسة صندوق الدفاع عن الأطفال التي تقدرها كثيراً السيدة كلينتون- من منصب وكيل وزير للتخطيط والتقييم وأعلن في آذار عام 1997 في المجلة الشهرية “ذي آتلنتيكس” :”لا يحفز هذا القانون مطلقاً سوق العمل، بل سيقوم بمعاقبة الملايين من الأطفال الفقراء”. أطفال، خصوصاً من السود واللاتينيين، عوقبوا بسبب سياسة زوج المرشحة الديمقراطية. مع ذلك، بقيت السيدة كلينتون صامتة.
بعد عدة سنوات، وأيضاً بفضل تعاونه مع “خصومه” الجمهوريين، رفع الرئيس كلينتون الضوابط عن وول ستريت. وفي تشرين الثاني 1999، أبطل القانون البنكي الأمريكي الرئيسي، والذي كان يفصل منذ عام 1933 وظائف البنك التجاري عن مصرف الأعمال، من أجل تشجيع المضاربات باستخدام أموال المودعين الصغار. يقترح العديد من الأشخاص حالياً، كالجمهوري جون ماكين، مراجعة هذا الإبطال، ولكن المرشحة الديمقراطية لا تود ذلك. فقد صرح مستشارها الاقتصادي آلان بليندر لرويترز في 13 تموز 2015 :”لن يكون هنالك مراجعة لإبطال القانون البنكي الرئيسي”.
بدأت الحياة السياسية للسيدة هيلاري كلينتون في الحقيقة عام 2000، عندما تلقت دعماً كبيراً من قبل زوجها وأتباعه الأقوياء في الحزب الديمقراطي. ترشحت لمنصب سيناتور عن ولاية نيويورك، هذه الولاية التي لم تقطن فيها أبداً. وعندما نالت المنصب، كان من الواضح بأن هنالك أريحية خاصة في التعامل مع إدارة بوش. ففي 10 تشرين الأول 2002، وفي مجلس الشيوخ، أعلنت دعمها لاجتياح العراق، ملتحقة بموكب أكاذيب البيت الأبيض حول “أسلحة الدمار الشامل” لصدام حسين، ودافعت عن مفهوم “الحرب الوقائية”، وقامت بتشبيهها بعمليات قصف صربيا التي أمر بها زوجها عام 1999 لهدف نبيل وهو :”منع الاضطهاد والتطهير العرقي الذي كان يستهدف أكثر من مليون الباني في الكوسوفو. وأضافت: “ربما قراري متأثر بخبرة ثماني سنوات في البيت الأبيض، ورؤية زوجي يواجه التحديات التي تعترض أمتنا”. هذه التصريحات لا تمت في حقيقة الأمر للنسوية بصلة، ولكنها في الوقت ذاته لا تصدم مطلقاً، حيث تأتي من امرأة تكتب على حسابها في توتير اليوم وتعرف على نفسها كـ”زوجة، وأم، وجدة”.
إن خطاب عام 2002 في مجلس الشيوخ مليء بعبارات مبتذلة، ولكن سيكون من غير المنصف اتهام هيلاري كلينتون بأنها هي من كتبت هذه العبارات. فهي لها عادة توظيف “أقلام”، نادراً ما يذكر أسماؤها. من جهة أخرى، اشتكت البروفسورة باربارا فينمن تود عن عدم ذكر اسمها في كتاب كلينتون “يتطلب ذلك قرية”، وهو أول كتاب لكلينتون والأكثر مبيعاً، ويتحدث عن “الدروس التي يعلمنا إياها الأطفال”. تشك البروفسورة في أن تكون كلينتون هي من كتبت مذكراتها.. فمن أجل التحدث عن ذكرياتها، حشدت فريقاً كاملاً لتأليف الكتاب، حيث بالكاد ذكرت أسماء الفريق المعني.
مهما كانت القضية، لا توحي ذكريات كلينتون على رأس الدبلوماسية الأمريكية لمدة أربع سنوات بالثقة. في عام 2011، وبينما كان التمرد الليبي يشتد عوده، أظهرت السيدة كلينتون حذراً شديداً وصرحت في 11 آذار أمام لجنة الكونغرس: “أنا من هؤلاء الذين يعتقدون بأن عملاً فردياً للولايات المتحدة، ومن دون تفويض دولي، سيقود البلاد باتجاه وضع لا يمكن حساب عواقبه”. ولكنها غيرت رأيها فيما بعد. لماذا؟ روت وزيرة الخارجية السابقة بهذا الصدد: “لم يتوقف نيكولا ساركوزي عن الحديث معي بشأن التدخل العسكري. فهو شخصية ديناميكية، ومليئة بطاقة مرهقة وهائلة، ويحب أن يكون في دائرة العمل. هو متأثر أيضاً بالمثقف برنارد هنري ليفي. هذان الاثنان متأثران جداً بمحنة الشعب الليبي، الذي يمارس عليه الديكتاتور أعمالاً وحشية”. انجذبت السيدة كلينتون للثنائي الفرنسي، وأيضاً من أجل تجنب كارثة إنسانية، اتجهت وزيرة الخارجية إلى المعسكر التدخلي. ومع إدارة أوباما، جرّت الولايات المتحدة لحرب جديدة، من دون موافقة الكونغرس، كما يتطلب ذلك دستورياً. لحسن الحظ، كل شيء انتهى بنحو جيد: “خلال 78 ساعة، دُمرت الدفاعات الجوية (للقذافي) وأنقذ سكان بنغازي من تدمير شامل”. وأنهت هيلاري كلينتون كتابها بطريقة ملائمة وطريفة.
انقلاب واضح على التجارة الحرة
تعلم السيدة كلينتون أن صورتها اليمينية (نسبة إلى اليمين السياسي) تشكل عائقاً لكسب مرشحي السيد برني ساندرز. انسحبت السيدة كلينتون تدريجياً إلى اليسار بسبب نجاح خصمها الاشتراكي في الانتخابات التمهيدية، ودعت مؤخراً للقيام بعدة إجراءات تقدمية.. فرض ضرائب على البنوك التي تستدين بشكل كبير، ورفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 12 دولاراً في الساعة، وتعديل رسوم التسجيل في الجامعات بما يتناسب مع دخل الأسرة..الخ
إن انقلابها على التجارة الحرة بشكل خاص لهو أمر مدهش. ففي 15 تشرين الثاني 2012، أعربت عن إعجابها الكبير في الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادئ وقالت: “إن الشراكة عبر المحيط الهادئ هو النموذج الأمثل لاتفاقيات التجارة الحرة، وذلك بغرض إقامة سوق حرة تتسم بالشفافية والعدالة”. ولكن تغير موقفها بعد مضي ثلاث سنوات. وعلى ما يبدو أن الانتقادات التي وجهها السيد برني ساندرز والسيد ترامب قد أقنعت الناخبين. فقد أعلنت السيدة كلينتون في 7 تشرين الأول 2015: “حتى الآن لا أحبذ، حسب المعطيات التي أعرفها، الشراكة عبر المحيط الهادئ. فلا أعتقد بأنها ستصل إلى المستوى العالي المطلوب الذي قمت برسمه وتحديده مسبقاً”. لكن ما وراء هذه الخطابات، ترفض السيدة كلينتون حتى الآن وضع عملية رفض الشراكة عبر الأطلسي ضمن برنامجها الرئيسي.
بالرغم من ذلك، يبدو بأن تصرفات المرشحة الديمقراطية مضبوطة ويمكن التنبؤ بها أكثر من السيد ترامب الذي ضاعف من التصريحات العنيفة ضد “المسلمين الراديكاليين” و”المهاجرين”. فهدوؤها ورباطة جأشها تجذب العديد من الأشخاص حتى في صفوف الجمهوريين. انطلاقاً من هذه النقطة، أعلنت السيدة ميغ ويتمان، رئيسة ومديرة شركة هوليد-باكارد (HP الالكترونية)، ومسؤولة مشاركة عن الأمور المالية والنفقات للحملة الرئاسية السابقة للمرشح المحافظ ميت رومني، دعمها صراحةً وبوضوح للسيدة كلينتون، كما فعل ذلك روبرت كاغان، الذي يعد من المحافظين الجدد والذي كان أيضاً مستشاراً سابقاً للسيد رومني. حتى عائلة بوش قد أعلنت بأنها ستمتنع عن التصويت في الانتخابات.
علاوة على ذلك، تتمتع السيدة هيلاري كلينتون بدعم لا نظير له داخل المؤسسة الإعلامية، التي تصورها على أنها المتراس الأخير ضد البربرية. في هذا الصدد تساءل رئيس تحرير صحيفة النيويوركر ديفيد ريمنيك: “هل مرت علينا انتخابات وطنية عرضت علينا مسبقاً من الذي علينا اختياره جذرياً؟ على كلينتون أن تقود حملة بقوة وعزيمة ضد المرشح الأكثر خطورة والأكثر تقلباً- وهو ديماغوجي يريد تجاوز جميع الحدود، من بينها الحشمة والأدب، بهدف الوصول إلى السلطة”. لقي هذا النوع من الخطاب صدى عندما تواجه السيد شيراك مع جان مارين لوبان عام 2002، فقد اضطر اليسار الفرنسي دعم مرشح يميني من أجل حماية البلاد من “الخطر الفاشي”. ولكن من دون شك كان السيد شيراك أكثر تقدمية من السيدة كلينتون، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. في نهاية الأمر، يمكن تشبيه الانتخابات والحملات الانتخابية الأمريكية بمنافسة بين السيدة ميركل والسيد سيلفيو برلسكوني، وقد اختار اليسار الأمريكي دعم السيدة ميركل.
*جون آ رماك آرثر: مدير مجلة هاربر ومؤلف كتاب وهم أوباما.. مذكرات مثقف ليبرالي في الولايات المتحدة.
مراجعة هيفاء علي
http://www.monde-diplomatique.fr/2016/08/MACARTHUR/56067